اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 174
و أحاط الجيش الإنكليزي بالعاصمة المذكورة بقيادة الجنرال «هريس» و أحدث من فوره ثقبا في السور دخلت منه المدينة فرقة كبيرة من الجيش فحمس السلطان جنوده بشجاعته هو نفسه، و ما انفك يقاتل في مقدّمتهم، فلما جرح ثلاث جراحات سقط من ظهر فرسه تحت الباب المؤدّي إلى الحصن الداخل و مات بعد وقت قليل، و لما استولى الإنكليز على الحصن المذكور بحثوا عن جثة السلطان فلم يعثروا عليها إلّا بعد ساعات تحت تل من الجثث، و بالاستيلاء على هذا الحصن استولوا على ثروة الأسرة و مال أقاليم السلطان. و قلما كان فتح في سرعة هذا الفتح، فقد أجزأت فيه أربعة أشهر للاستعداد و تنفيذ هذا الحادث المستحق الذكر، و لو استمع «تيبو» لنصائح التبصّر و التدبّر لوكل الدفاع عن «سيرينكاباتام» إلى أحد قواده، و واصل الحرب بجيشه، قاطعا على أعدائه مراكب المؤن و الذخائر، ملغبا لهم باستمرار، فيطيل الحصار، و مع كل ما يحدث كان يستطيع الالتجاء إلى بعض أصقاع أقاليمه و مواصلة الحرب، و لكنّه كان له من الإفراط في الكبرياء ما منعه من مغادرة حصن فيه ثروته و أسرته، فاستبسل في الدفاع إذن عن أمواله الّتي وضع في امتلاكها عزّته، و لقد أصاب الحقيقة بعض شعرائنا بقوله:
إذا السعادة يوما فارقت رجلا* * * أتى من الأمر ضدّ الواجب العمل [1]
الفرنسيون في مصر و فلسطين
و يفتخر الإنكليز بأنّهم طردوا الفرنسيين من مصر و استولوا عليها بعض الزمن، و لإيضاح ذلك أرى من الضروري أن أتكلّم بإيجاز على غزو بونابارت لمصر فإنّ هذا الجنرال أنزل جيوشه في موضع مجاور للإسكندرية و لم يكن الأتراك في حال تمكنهم من المقاومة، فاستولى بأيّام قليلة على حصن الإسكندرية، و من هناك زحف إلى القاهرة الكبيرة [2]، و هذه المدينة على كونها
[1] ترجمناه نظما كما فعلنا بأشعار المؤلف و استشهاداته السالفة. (م).
[2] هكذا ورد الاسم في النسخة الفرنسية و لم نعرف بمصر قاهرة صغيرة حتّى يصح هذا التمييز.
(المترجم).
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 174