اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 173
فتحهم مملكة تيبو صاحب
إنّ الاستيلاء على «سيرينكا باتام» و موت السلطان «تيبو [1] (صاحب)» حادثان جدّ مشهورين بحيث أجدني في غنى عن الكلام عليها هنا، عسى و لعلّ، و مع ذلك أقول قولا وجيزا، ذلك أنّ بونابارت لمّا استولى على مصر راسل مراسلة خاصة للسلطان «تيبو» و وعده أن يرسل إليه قوى عسكرية قادرة على أن تجعله في حال يستطيع معها طرد الإنكليز من بلاد الهند، و قد وقعت عدّة من هذه الكتب إلى أيدي الإنكليز أيّام كانوا مسالمين للسلطان، فرعبتهم أشد الرعب، فطلبوا من السلطان بسبب ذلك أن يسلم إليهم، في أثناء استعار الحرب بينهم و بين الفرنسيين في مستقبل الدّهر، عدّة حصون كانت تحمي بلاده، و وعدوه بتسليمها إليه إذا انتهت الحرب، و هي في حالها الأولى، و أعلموه في الوقت نفسه أنّه إن يرد أن لا يكون عرضة للشقاء يجب عليه أن يقطع كل اتفاق و مراسلة بينه و بين فرنسا، فلم يصغ «تيبو» إلى أقوالهم و نصائحهم [2] إمّا لأنّه لم يعلم عظم قوّة الدولة الإنكليزية و إمّا لأنّه اعتمد في رفضه على وسائله في الحروب الّتي استدامها في قتالهم سالفا، في عصور كان الاضطراب مهيمنا على مجالسهم، و لعلّه نسب الاعتدال الّذي أتاه الإنكليز في فرصة سابقة إلى شعور بالضعف، و صمم على القتال، و لكنّه لم يتبع الفن الحربي الّذي طبقه أبوه (حيدر علي) و هو تخريب البلاد و إلغاب الإنكليز بفرسانه شلا و تعقبا، بل خاطر بقواته العسكرية بلا تبصر في محاربتهم في وقعة عامّة، قياسا منه لها بالمناوشات المكرّرة الّتي كان يناوشهم إيّاها، فلما هزموه اعتصم في حصن «سيرينكاباتام [3]» و أخذ يدافع من غير جدوى رجالا أقدارهم و تجاربهم اعتقلت لهم الظفر اعتقالا.
[1] تقدّم ذكره و قد قتل في الدفاع عن عاصمته هذه سنة 1799 م و سيفصل المؤلف ذلك أحسن تفصيل. (المترجم).
[2] أنا أعجب من أبي طالب و حسبانه أنّ الأنكليز كانوا بطلبهم ناصحين و الظاهر أنّه كان إنكليزي الهوى و السياسة، و متى أؤتمن الإنكليز و وفوا بوعودهم حتّى يثق تيبو صاحب بهم؟.
(المترجم).
[3] تقدّم ذكر هذه المدينة و أنّها كانت عاصمة سلطنته. (المترجم).
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 173