و الآخر: تحديد الوظيفة العملية تجاه الحكم المشكوك بعد استحكام الشك و تعذّر تعيينه (2).
و الأدلّة التي تستعمل في الأسلوب الأوّل نسمّيها بالأدلّة [الاجتهادية] أو الأدلة المحرزة، إذ يحرز بها الحكم الشرعي (3).
و الأدلّة التي تستعمل في الأسلوب الثاني تسمّى بالأدلّة العملية أو الأصول العملية.
و في كلا الأسلوبين يمارس الفقيه في علم الفقه استنباط الحكم الشرعي أو يحدّد الموقف العملي تجاهه بالدليل.
و عمليات الاستنباط التي يشتمل عليها علم الفقه بالرغم من تعددها و تنوعها تشترك في عناصر موحّدة و قواعد عامة (4) تدخل فيها
(1) كالاستدلال على وجوب الصلاة بقوله تعالى: أَقِيمُوا الصَّلاةَ* و الأمر ظاهر في الوجوب، و الظهور حجة. فإذن «الصلاة واجبة» حكم شرعي.
(2) كما في المثال الأسبق إذ أنّ «التدخين حرام» ليس حكما شرعيا، لأنّ قاعدة البراءة لا تفيدنا حكما شرعيا و إنما تفيدنا وظيفة عملية فقط.
(3) الشامل للظاهري مثل الأحكام الظنية الناشئة من أخبار الثقات، و للواقعي كوجوب الصلاة الناشئة من قوله تعالى: أَقِيمُوا الصَّلاةَ* المعلومة الوجوب بالبداهة.
(4) كدلالة الأمر على الوجوب و النهي على الحرمة و ككون الظهور (الظني) حجّة و البراءة عند الشك في الحكم الشرعي حجّة و استصحاب الحالة السابقة حجّة و هكذا ... هذه القواعد هي بعض قواعد علم الأصول التي تدخل في عملية الاستنباط.