بأحد الأمرين و شكّ في هذا و شك في ذاك. ففي يوم الجمعة نعلم بوجوب أحد الأمرين «صلاة الظهر أو صلاة الجمعة» و نشك في وجوب الظهر كما نشك في وجوب الجمعة. و العلم بوجوب أحد الأمرين- بوصفه علما- تشمله قاعدة حجّية القطع التي درسناها في بحث سابق، فلا يسمح لنا العقل لأجل ذلك بترك الأمرين معا- الظهر و الجمعة- لأننا لو تركناهما معا لخالفنا علمنا بوجوب أحد الأمرين، و العلم حجّة عقلا في جميع الأحوال سواء كان إجماليا أو تفصيليا.
و يؤمن الرأي الأصولي السائد في مورد العلم الاجمالي- لا بثبوت الحجّية للعلم بأحد الأمرين فحسب- بل بعدم إمكان انتزاع هذه الحجّية منه أيضا و استحالة ترخيص الشارع المقدّس في مخالفته بترك الأمرين معا، كما لا يمكن للشارع أن ينتزع الحجّية من العلم التفصيلي و يرخّص في مخالفته، وفقا لما تقدّم في بحث القطع من استحالة صدور الردع من الشارع عن العمل بالقطع.
- بوجوب صلاة ظهر يوم الجمعة- هذا على مستوى الثبوت أي الامكان العقلي- و (2) أمّا إثباتا- أي على مستوى البراءة الشرعية- فانه لا يمكن شمول البراءة الشرعية لكلا طرفي العلم الاجمالي، لأنه يؤدّي إلى مخالفة علمنا بوجوب صلاة ظهر يوم الجمعة، و (3) أيضا لا يمكن شمول البراءة الشرعية لأحد الطرفين لأننا حينئذ سنتساءل: أيّ الطرفين تجري فيه البراءة؟
فلعدم الترجيح بلا مرجّح تتعارض البراءتان فتتساقطان و لا تجري في احدهما. (و النتيجة) أننا نبقى في مورد العلم الاجمالي تحت القاعدة الأساسية و هي الاحتياط العقلي و مفادها: لزوم الموافقة القطعية أي وجوب الاتيان بكلتا الصلاتين و لا تجوز المخالفة الاحتمالية.