فهل لك نفس غير نفسك هذه* * * فأرخصت فيها السوم إذ تشتري الحمدا
فأي يد تحصي أياديك جمة* * * لقد ضل من أحصى النجوم و من عدا
رأيتك في أجبال برقة قائما* * * يزين لك الأقدام خطب بها اشتدا
جمعت قلوبا فرّق الجهل بينها* * * و ألفت منها في مجاهلها جندا
فكنت لهم في ظلمة الليل بدرهم* * * و كنت هجير اليوم ظلّا بها مدا
لطمت بأيديهم وجوه عدوهم* * * فأجفل إجفال الظليم إذا ندا
فلو كان للطليان قلب لحاربوا* * * به اليوم حربا يفلق الحجر الصلدا
و لكن سلبت القوم أمس قلوبهم* * * فما أن يرى من بعدها جندهم جلدا
و لو كنت يوما بالتناسخ قائلا* * * لقلت ابن سرح في صحابته ردا
و ليت فروقا أعطيت فيك حكمها* * * فضمت عليك الجفن و ادعت الجحدا
ألست الذي دافعت عنها عدوها* * * و أرشفتها أمنا على قلبها بردا؟
رددت إليها حصنها و حدودها* * * و كانت و لا حصنا يقيها و لا حدا
رفيقك في العليا جمال و إنما* * * يعيبكما أن لا نرى لكما ندا
أتى سوريا و الخوف ملق جرانه* * * بها فساقها من طمأنينة شهدا
فقرت قلوب غاب عنها قرارها* * * و نامت عيون طالما شكت السهدا
أقام جنود اللّه في كل مخرم* * * و قام بحسن الرأي من دونهم سدا
تحامت أساطيل العدو ثغورها* * * و ذلك أقصى جهد من فقد الجهدا
يرى كتشنر أن القناة حصينة* * * لقد تم فيها الدست فلينظر الهندا
تبين ما قسويل أن حصونه* * * و إن عظمت جدّا ستبقى لهم لحدا
فكاتب هاميلتون يطلب رأيه* * * فأخبره أن الفرار لهم أجدى
مضى الوعد إن اللّه ناصر دينه* * * و حاشا إله الناس أن يخلف الوعدا