بملاحظتها جميعاً، وكون بعضها قرينةً على المراد من البعض، لا الذي يتراءى فيه الاختلاف في بادئ الرأي. وطريقُ العمل في المختلفات الحقيقيّة كما ذكروه- بعد شهرتها واعتبارها- العرض على كتاب اللَّه والأخذ بموافقه دون مخالفه، ثمّ الأخذ بمخالف القوم وحمل الموافق على التقيّة، ثمّ الأخذ من باب التسليم بأيّما تيسّر.
اعلم أنّ المصنّف- طاب ثراه- ذكر هاهنا من وجوه الترجيح ثلاثةً، وذكرها على وجه الحصر حيث قال: «إلّا على ما أطلقه العالم 7 بقوله» إلى آخره، وحكم بأنّ العمل بحديث بإيماء «أخذتم» مع التمكّن من بعض وجوه الترجيح، كما هو مقتضى قوله:
«إلّا أقلّه» مع كونه أوسع أحوط أيضاً، ولا يخفى ما في ظاهر هذا الحكم من الإشكال، وكذا دعوى الحصر، فنحن ننقل أوّلًا مذاهب العامّة في أدلّة الأحكام الشرعيّة، ثمّ نوجّه الحصر.
قال البيضاوي في المنهاج بعد أن عرّف الفقه و دليله المتّفق عليه بين الأئمّة: الكتاب والسنّة والإجماع والقياس، فَذَكَرَ أحوالها في أربعة كتب، ثمّ قال: الكتاب الخامس في دلائل اختلف فيها؛ وفيه بابان: الباب الأوّل: في المقبول منها، وهي ستّة:
الأوّل: الأصل في المنافع الإباحة؛ لقوله تعالى: «خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً»[2]«قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ»[3] و «أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ»[4]، وفي المضارّ التحريم؛ لقوله 7: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام».
قال: الثاني: الاستصحاب. وفي الشرح: الثاني من الأدلّة المقبولة استصحاب