ذيلي فانسحب، أي جررته فانجرّ». [1] ومثله في القاموس. [2]
ولعلّ مرادهما بجمعيّته اسم جنس يقع على الكثير، وإلّا فلا وجه لتذكير «المسخّر» في الآية.
وابن فارس أيضاً استعمل في المجمل مطابقاً للآية حيث قال: السحاب معروف، سمّي به لانسحابه في الهواء. [3]
وقال الراغب في تفسيره: «والسحاب المسخّر؛ أي المذلّل المطيع للَّه، سمّي سحاباً لأنّه ينسحب، أي يسير في سرعة كأنّه يسحب؛ أي يجرّ».
فصل:
اعلم أنّ طائفة لم يسبق لهم من اللَّه الحسنى تعامَوا عن مشاهدة جمال الخلقة، وما اودع في المخلوقات من بديع الحكمة، حتّى أفضى تعاميهم إلى العمى، فعموا وصمّوا كثير منهم، وذلك لأنّهم اعتادوا بالتمجمج في العلوم من غير إعمال فكر ونظر، فوقعوا في جحود الأسباب والمسبّبات، والتقوّل على اللَّه سبحانه بأنّه لمّا كان قادراً محتالًا فَعَلَ جميع الأفعال بنفسه، والأثر الواقع إثرَ الشيء ليس على سبيل السببيّة والمسبّبية، بل على مجرى العادة، والفاعل المختار يرجّح أحد الطرفين على الآخر بلا مرجّح، بل بالمشيّة الجزافيّة؛ فأبطلوا حكمته سبحانه، وعزلوا الملائكة الذين لا يعصون اللَّه ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون، فإذا حاولوا أن يستدلّوا بالأدلّة التي ذكر اللَّه عزّوجلّ في هذه الآية قالوا: إنّ الأشياء متساوية الأقدام في الوقوع على ما هي عليه وعلى أنحاء اخر؛ إذ لا مجال للترجّح والأولويّة بالذات، دلّ الوقوع على أنّ في الوجود فاعلًا مختاراً يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد بالمشيّة الجزافيّة التي تنسب إلى سفهاء الملوك، ويقولون: لا حكمة ولا تدبير، ولا تسبيب ولا تقدير، تعالى عمّا يقولون علوّاً كبيراً.