و هو الذي يعرف مصلحة البشر أفضل من غيره فإذا بيّن لهم حكما قاطعا فإن من المسلّم به أن ذلك الحكم يتضمن مصلحتهم الواقعية دون ريب، و أن ذلك في صالحهم واقعا فلا مجال للترديد و الشك، و الحيرة.
لمن القرار الأخير؟
لقد جاء في القرآن الكريم في مجال المشاورة و من يتخذ القرار الأخير في خطاب إلى الرسول الأكرم 6:
و لعل البعض يظن أن مفاد الجملة: فَإِذٰا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ هو أن حق اتخاذ القرار هو للقائد سواء أو افقه الآخرون أم خالفوه، و لكن هذا الاستنباط من مفاد الآية في موارد المشاورة يوجب لغوية المشاورة، و الحال أن المشاورة- بالنسبة إلى رسول اللّه 6- سواء كانت عملية أخلاقية، أو من باب تحري المصلحة فإن مخالفة الجماعة جميعها أو أكثريتها تنتج عكس المطلوب على كل حال [2].
[2] جرى حوار بين الشيخ المفيد (قدّس سرّه) و الورثاني (و هو من علماء أهل السنة) حول مشاورة رسول اللّه 6 أصحابه ننقل هنا نصه:
قال الورثاني للشيخ المفيد: أ ليس من مذهبك أن رسول اللّه 6 كان معصوما من الخطأ مبرأ من الزلل مأمونا عليه من السهو و الغلط كاملا بنفسه، غنيا عن رعيته؟ فقال الشيخ المفيد:
بلى كذلك كان 6. الورثاني: فما تصنع في قول اللّه جل جلاله وَ شٰاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذٰا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ أ ليس قد أمره اللّه بالاستعانة بهم في الرأي و أفقره إليهم، فكيف يصح-