فتكون النتيجة هي أن الإجمال الموجود في الحديث المذكور، و عدم تبيّن حدود الأمانة (الولاية) يوجب أن يؤخذ بالقدر المتيقّن و هو (ولاية الفتوى) لا أكثر. و أما بقية الولايات مثل: ولاية الزعامة و التصرف، و غير ذلك، فهي بحاجة إلى جعل مستقل، لعدم كفاية استعمال لفظة «الأمين» في شأن الفقهاء في جعل تلك الولاية لهم.
الجواب:
في الإجابة عن هذا الإشكال يمكن القول بأنّ حديث «الفقهاء أمناء الرسل» إذا كان النبي 6 في صدد امتداح الفقهاء و الثناء عليهم بوصفهم بالأمناء فقط و ليس جعل الولاية لهم، أمكن أن يكون ذلك الإشكال مقبولا؛ لأن ثبوت ولاية الفتوى كاف في مدحهم، و الثناء عليهم، و وجود الإطلاق لإثبات جميع الولايات قابل للمنع؛ لأن الحديث ليس في مقام بيان تلك الجهة.
و لكن إذا كان في صدد جعل الولاية لهم- و لو عن طريق الدلالة الالتزامية- فإن مقتضى الإطلاق هو ثبوت جميع مراحل الولاية؛ لأنّ التقييد بحاجة إلى الدليل، و ترجيح أي واحد من الاحتمالين المذكورين يرتبط بكيفية الاستفادة من الحديث المذكور.
أما المعنى الثاني فهو عبارة عن أنّ المقصود من الأمانة في الحديث: «الفقهاء أمناء الرسل» هي الأمة بالذات
و هي الشؤون و الأمور المرتبطة بها لا الولاية عليها، و إن كانت نتيجة مثل هذه الولاية هي ولاية الأمين، يعني أن الأمة (و الشعب) و الشؤون و الأمور المرتبطة بها قد عهدت و سلّمت إلى الفقهاء الجامعين للشرائط من جانب رسل اللّه الذين عهدت إليهم قضية الولاية على المجتمع البشري، و بهذا يكون قد عهد إلى الفقهاء- على غرار الأنبياء- مسئولية الأمة، و ذلك بإبلاغ الأحكام إليهم، و إبداء الرأي و النظر في الأمور