إن إطلاق هذا الحديث يقتضي أن ينتقل كل ما هو من شئون النبي 6 و صلاحياته- مما هو قابل للانتقال الى الآخرين- إلى العلماء بالوراثة، ما عدا النبوة التي هي غير قابلة للانتقال، و من البديهي أنّ رسول اللّه 6 يتمتع بالولاية المطلقة و هي قابلة للانتقال إلى الآخرين.
و يجب أخذ عدة امور بنظر الاعتبار بالنسبة إلى مفاد هذا الحديث:
1- المقصود من الولاية- القابلة للانتقال- هو الولاية الجعلية التشريعية مثل:
ولاية الزعامة، و التصرف، و الفتوى، و القضاء، و أمثالها، لا الولاية الكلية الالهية؛ لأنها غير قابلة للجعل التشريعي، بل هي مجعولة بجعل تكوينيّ إلهيّ خاص بالنبي الأكرم 6 و الأئمة المعصومين.
2- الإرث و التوريث في الحديث بمعناه المجازي لا الحقيقي، يعني أن الانتقال هو في المقامات و المناصب المعنوية، ليس كانتقال المال؛ لأن الإرث و التوريث المالي يرتبط بأسباب معينة لا يكون العلم من جملتها.
3- أن علة الوراثة المعنوية هي العلم التي هي الجهة المشتركة بين الأنبياء و العلماء، و لهذا يمكن القول: إن ولاية العلماء- بدليل محدودية علمهم- محدودة أيضا بحدود خاصة، في حين لا تكون ولاية الأنبياء كذلك، و على هذا فإن ولاية الفقيه- العامة نسبية، لا مطلقة.
- «عن أبي البختري عن أبي عبد اللّه 7 قال: إنّ العلماء ورثة الأنبياء، و ذاك أن الأنبياء لم يورّثوا درهما و لا دينارا، و إنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين».