و لهذا كان الأئمة أنفسهم- و ذلك كأمير المؤمنين 7 ينصبون الفقهاء بعنوان القاضي بل حتى المفتي، بل كانوا يفوضون الولاية بمعنى الزعامة، و الحاكمية على قسم من البلاد و الامة إليهم، نظير مالك الأشتر الذي ولي أمر مصر من جانب الإمام أمير المؤمنين 7.
الخلاصة أن للخلافة مفهوما مشكّكا، و هي ذات مراتب طولية، و وجود أي مرتبة منها في فرد من الأفراد لا ينافي أبدا وجود مرتبة أعلى في غيره.
و لكن ما يجب الالتفات إليه في هذه الأحاديث و أمثالها هو: أن الحديث المذكور يجب أن يكون- في الجهة المقصودة موضوعا كان أو محمولا- في مقام البيان حتى يمكن التمسك بإطلاقه.
مثلا كما أننا في جملة: «العالم محترم» نتمسك بإطلاق لفظة «عالم» و نقول المراد منه هو مطلق العلماء، كذلك في جملة «العالم الاسلامي (الفقيه) خليفة رسول اللّه» إنما يجوز لنا التمسك بإطلاقها إذا كان القائل في مقام بيان جهة الخلافة و مجالها و لكنه ذكرها بدون قيد، ففي هذه الصورة تثبت الخلافة المطلقة للفقيه.
و لكن إذا لم يحرز هذا الأمر (أي كون القائل في مقام البيان) أو كان في كلامه قرينة تصرفه إلى جهة خاصة، لم يبق هناك أي إطلاق حتى يأتي دور التمسك به، و الحديث المطروح هنا يعاني من مثل هذا الإشكال، (فتأمّل).