و لكن في نفس الوقت لا يثبت ذلك للمقلد ولاية القضاء بمفهومه الاصطلاحى الذي يستلزم النفوذ الوضعيّ، و التكليفى، و حرمة النقض و بقية أحكامها، بل يستطيع مثل هذا القاضي أن يعمل بمقدار الضرورة، و لذلك يجوز نقض حكمه بعد تجدّد التمكن من الفقيه، بل قد يكون ذلك واجبا، و هو يشبه حكم التيمّم الذي يبطل مع التمكن من الماء.
و على هذا يمكن أن يقال: إنّ الاجتهاد شرط في القاضي مطلقا- أي سواء في حالة الاختيار أو في حالة الاضطرار- كما أشار إلى ذلك المحقق في الشرائع، و غيره [1]. يعني أنّ الاجتهاد شرط في تحقق ولاية القضاء بمعنى المنصب المجعول شرعا، و الذي هو موضوع لآثار خاصة، و يكون حجة شرعيّة.
و لكن إطاعة القاضي الاضطراري في حالة الاضطرار تجب بمقدار الضرورة أي ما دام الاضطرار الشخصيّ (لا النوعيّ) مستمرا.
كما أن دليل حفظ- النظام حسبما صرح به المرحوم الآشتياني [2]- يفيد و يعطي الوجوب التكليفي (وجوب الطاعة من القاضي غير المجتهد) فقط، لا ولاية القضاء له [3] و لكي يتضح الفرق بين القاضي الرسميّ (الفقيه الجامع
[3] توضيح ذلك أن وجوب حفظ النظام حكم تكليفي و ولاية القاضي «و بتعبير آخر الحكم القضائي» من الأحكام الوضعيّة (بمعنى الحجيّة) و النسبة بين هذين العموم من وجه فإنهما قد يجتمعان كما في القاضي الشرعي (أي الجامع للشرائط) فإنه يجب عليه حفظ النظم، و يكون قضاؤه حجة شرعية و أمارة معتبرة، تكشف عن الواقع في صورة الشك و قد يفترق وجوب النظم عن الحكم القضائي، كما في غير مورد الخصومات من الأمور الحسبيّة التي يتوقف عليها النظام- كما في الأمور المالية و الأموات و الأيتام و نحو ذلك- و قد تفترق الحجيّة عن وجوب النظم، كما في سائر الأمارات-