و إطاعة الرسول الأكرم 6 على هذا الصعيد هي إطاعة للّه- تعالى- مباشرة، و صفة الرسول الأكرم هنا هى صفة المبلغ المبين للأحكام الالهيّة.
ثانيا: جانب اتخاذ القرار في الأمور الاجتماعية المرتبطة بمقام ولاية زعامته 6 و حكومته، لا جانب تبليغ الحكم الالهي، و هذا هو بعينه المقام و المنصب الذي يشير إليه قوله- سبحانه-: وَ شٰاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذٰا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ[1]. الذي يشرك فيه الآخرين في المشاورة مع رسول اللّه 6 و لكن يفوض إليه 6 حق اتخاذ القرار فيه، ليتخذ هو القرار اللازم بعد المشاورة، و يصدر أمره بالاتكال على اللّه.
و الآية الكريمة تشمل كلا النوعين من أوامر رسول اللّه 6 (الأمر الحكمي، و الأمر الحكومي) و المدلول الالتزامي لوجوب الاطاعة في النوع الثاني هو ثبوت منصب ولاية القيادة، و رئاسة الوطن الإسلامي، لأنه لا أحد غير الولي يستطيع اتخاذ القرار في الأمور الاجتماعية و يأمر به.
فعلى هذا تختلف إطاعة رسول اللّه 6 في الأمر الحكومي عن اطاعة اللّه- تعالى- في الأحكام، و إن كانت إطاعته 6 على كل حال ترجع إلى اطاعة اللّه لأنه منصوب من قبل اللّه- تعالى- كما يقول- سبحانه-: وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ رَسُولٍ إِلّٰا لِيُطٰاعَ بِإِذْنِ اللّٰهِ[2].
و لكن مع ذلك كله وجبت إطاعة النبي 6 بصورة مستقلة و يتحقق ذلك تحت عنوان الزعامة و القيادة و إدارة أمور البلاد، و لعلّه لهذا السبب نفسه تكررت كلمة «و أطيعوا» في الآية للمغايرة في معنى الإطاعتين (إطاعة اللّه، و إطاعة رسول اللّه) لأن الأولى إطاعة الحكم، و الثانية إطاعة الحكومة.