الأولوية العقلية، إلّا أنه مع كل ذلك محل شك و نظر؛ لأن ملاك ولاية الوالد غير معلوم، هل هي الأبوة الجسمانية، أو مطلق الأبوة حتى الأبوّة الروحانية؟
و إذا كان الميزان هو الأبوة الجسمانية، أي: وقوع الشخص في سلسلة الوجود، فتكون ولاية النبي و الإمام لأجل كونهم وسائط للفيض الوجودي فينطرح حينئذ السؤال التالي:
إن سنخ وساطة النبي و الإمام في وجود الإنسان يختلف عن سنخ وساطة الأب فأيّهما هو ملاك الولاية؟
و على أي حال فإن احتمال أن تكون ولاية الأب مسألة تعبدية محضة أيضا احتمال وارد، ثم بغض النظر عن كل هذا فان ولاية الأب محدودة و مقيدة بزمان الطفولة (أي فترة ما قبل البلوغ) لا بعده، و بحثنا هو في مجال ولاية النبي و الإمام الذي لا يكون محدودا و لا مقيدا بزمان ما قبل البلوغ، و لهذا فليس للمقارنة المذكورة دليل واضح و وجه بيّن.
الدليل الرابع- اتفاق الكل (الاجماع):
يقول المرحوم الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه) بأن الاجماع على ثبوت ولاية التصرف للنبي و الأئمة : بصورة مطلقة غير خفي [1].
و لكن لا بدّ من القول بأن تحصيل الاجماع- بمعناه الفقهي- على الولاية المطلقة محل نظر و موضع شك، و ما يمكن ادعاؤه إنما هو اتفاق آرائهم و على أصل الولاية، و قد ذكرنا شرطها في ذيل البحث عن الآية الشريفة النَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ و قلنا: إن مفاد الآية المذكورة- و كذا الآيات الأخرى- هو اثبات
[1] مكاسب الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه): 153، طبعة حاشية الشهيدي.