ولايته، فيحكم ولاية و تجب طاعته، كما دلت الآية الكريمة، إذ لا طاعة إلّا في الأوامر و النواهي، و يكون أمره و نهيه أقوى من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الذي هو من الوظائف العامة للمسلمين، لأن فيه صبغة الهية، دون ذاك، فإنه من الأمة إلى الأمة، فقد قال- عز من قائل-: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، بخلاف طاعة ولي الأمر فإنها في عرض طاعته تعالى و طاعة الرسول 6[1].
4- السلطة القضائية:
يمثلها القضاة الشرعيون، و هي سلطة بين التشريع و التنفيذ؛ لأن من شأنها عقوبة المتخلف عن القانون و الأحكام المقرّرة.
هذه هى السلطات الأربع و تمتاز الحكومة الإسلامية عن باقي الحكومات في السلطة الثالثة، و هي سلطة ولاية الأمر أي: أمر المجتمع الإسلامي، و هي مزية ظاهرة في هذه الحكومة تفقدها سائر الحكومات، و يعتز بها المسلمون؛ لأنها تصبغ حكومتهم بصبغة الهية، و قال- عز من قائل-: صِبْغَةَ اللّٰهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّٰهِ صِبْغَةً وَ نَحْنُ لَهُ عٰابِدُونَ[2].
و من فوائد هذه الناحية أنها تمنع قادتهم عن متابعة الميولات الشهوية، و الأهواء النفسية الأمّارة بالسوء، و تدعوهم إلى خدمة الشعب المسلم للّه و في سبيل اللّه، و يكفينا في هذا المجال التمثيل بقيادة عليّ أمير المؤمنين 7 لمّا تولى الحكم و قيادة الأمر كان يقول: «أ أقنع من نفسي أن يقال لي أمير المؤمنين و لا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش ...» [3].