بعضهم مع بعض فيما يرجع إلى أمرهم، حيث قال عز من قائل وَ أَمْرُهُمْ شُورىٰ بَيْنَهُمْ[1] فالمسلمون يختارون ما يشاءون في أمورهم التي تعود إلى مصالح بلادهم، إذ هي منطقة فراغ و فسحة مجال لهم، لا يختص بحكم الزامي و يختارون فيها ما يشاءون إلّا إذا تعارض مع الحكم الشرعي.
و (الأخرى) هي شورى النبي 6 للأمة في شئونها الدنيويّة،
فقد قال- تعالى- وَ شٰاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ[2] و هذا القول الحكيم خطاب للنبي 6 مع أنه ولي أمر الأمة الواجب الطاعة و هو مكلف أن يشاور المسلمين في المصالح العامة، لئلّا يتوهم أحد أنه يستبد برأيه، و يحكمهم بالقهر و الاستعلاء مثل سلاطين الجور.
قال في مجمع البيان 9- 10: 33- في ذيل هذه الآية الكريمة «و أمرهم شورى بينهم» «يقال صار هذا الشيء شورى بين القوم إذا تشاوروا فيه و هو «فعلى» من المشاورة، و هي المفاوضة في الكلام ليظهر الحق، أي لا يتفردون بأمر حتى يشاوروا غيرهم فيه، و قيل إن المعني بالآية الأنصار كانوا إذا أرادوا أمرا قبل الإسلام و قبل قدوم النبي 6 اجتمعوا و تشاوروا ثم عملوا عليه، فأثنى اللّه عليهم بذلك، و قيل هو تشاورهم حين سمعوا بظهور النبي 6 و ورود النقباء عليه حتى اجتمعوا في دار أبي أيوب على الإيمان به، و النصرة له عن الضحاك، و في هذا دلالة على فضل المشاورة في الأمور، و قد روي عن النبي 6 إنه قال ما من رجل يشاور أحدا إلّا هدي إلى الرشد».
هذا ما جاء في ذيل الآية في تفسير المجمع و لا يخفى أن قضية الأنصار في المشاورة إنما هي من باب التطبيق على بعض الأفراد، لا الحصر فيها.