و أمّا الثاني؛ فلأنّ لطفية الإمام و طاعته من المكلّف إنّما يتمّ بذلك.
و الثالث يستلزم الجزء الثاني من المنفصلة المذكورة؛ لأنّه تعالى كلّفه بطاعته في جميع أوامره و نواهيه، فإن جاز خطأ بعضها أمكن أن يكون اللّه تعالى قد كلّف العبد بالخطإ و القبيح.
و أمّا بطلان التالي بقسميه فظاهر؛ لأنّ الأوّل تكليف بما لا يطاق، و تكليف بالجهل، و هو قبيح على اللّه تعالى.
و الثاني يستلزم إمكان النقيض عليه، و هو محال.
لا يقال: هذا لا يرد على مذهبكم؛ لأنّ عندكم أنّ اللّه تعالى قادر على القبيح، و قادر على الأمر بالمعاصي و القبيح و النهي عن الطاعة و الأمر بما لا يطاق من حيث القدرة[و إن] [1] امتنع من حيث الحكمة، خلافا للنظّام [2] ، و كلّ مقدور ممكن، فلا يصح استثناء نقيض التالي الذي هو المنفصلة؛ لإمكانها [3] .
[2] فإنّه كان يقول: إنّ اللّه تعالى لا يوصف بالقدرة على الشرور و المعاصي و ليست هي مقدورة للباري تعالى، و أنّه يقدر على فعل ما يعلم أنّ فيه صلاحا لعباده، و لا يقدر على أن يفعل بعباده في الدنيا ما ليس فيه صلاحهم. انظر: مقالات الإسلاميين: 576. الفرق بين الفرق: 131-134. الملل و النحل (الشهرستاني) 1: 54.
النظّام: هو إبراهيم بن يسار بن هانئ البصري، أبو إسحاق النظّام، من أئمّة المعتزلة، تبحّر في علوم الفلسفة و عاشر في زمان شبابه قوما من الثنوية و قوما من السمنية و خالط ملاحدة الفلاسفة و أخذ عن الجميع، و انفرد بآراء خاصّة تابعته فيها فرقة من المعتزلة سمّيت «النظّامية» نسبة إليه. و كان المعتزلة يموّهون على الإغمار بدينه و يوهمون إنّه كان نظاما للكلام المنثور و الشعر الموزون، و إنّما كان ينظم الخرز في سوق البصرة. و ذكر أنّ له كتبا كثيرة في الفلسفة و الاعتزال. توفّي سنة 231 هـ. أمالي المرتضى 1: 187. الفرق بين الفرق: 131. تاريخ بغداد 6: 97-98. الملل و النحل (الشهرستاني) 1: 53-54. تاريخ الإسلام و وفيات مشاهير الأعلام 16: 470-471. الأعلام 1: 43.