عدم العصمة-أعني صدور الذنب و الخطأ-إنّما هو لترجيح القوى الشهوانية و اللذّات الحسية على الأمور العقلية، فلا يكون قد حصل له الأوّل، فعدم العصمة من عدم هذه الأشياء، فإذا ثبتت هذه الأشياء ثبتت العصمة.
حكاية و منام
يقول محمّد بن الحسن بن المطهّر الحلّي حيث وصل في ترتيب هذا الكتاب و تنبّه إلى هذا الدليل في حادي عشر جمادى الآخرة سنة ستّ و عشرين و سبعمائة، بحدود أذربيجان [1] :
خطر لي أنّ هذا خطابي لا يصلح في المسائل البرهانية، فتوقّفت في كتابته، فرأيت والدي-عليه الرحمة-تلك الليلة في المنام، و قد سلاّني السلوان، و صالحني الأحزان، فبكيت بكاء شديدا، و شكيت إليه من قلّة المساعد، و كثرة المعاند، و هجر الأخوان، و كثرة العدوان، و تواتر الكذب و البهتان، حتّى أوجب ذلك لي جلاء الأوطان، و الهرب إلى أراضي أذربيجان.
فقال لي: اقطع[خطابك] [2] ، فقد قطّعت نياط قلبي، و قد[سلّمتك] [3] إلى اللّه، فهو سند من لا سند له، و جاز المسيء بالإحسان، فلك ملك عالم عادل لا يهمل مثقال ذرة، و عوض الآخرة أحبّ إليك من عوض الدنيا، و من[أجرته] [4] إلى الآخرة فهو أحسن، و أنت أكسب، ألا ترضى بوصول أعواض لم تتعب فيها أعضاؤك، و لم تكلّ بها قواك؟
[1] أذربيجان: إقليم من بلاد العجم مركّب من كلمتين، و معناه: بيت النار، أو خازن النار. و حدّ أذربيجان من برذعة مشرقا إلى أرزنجان مغربا. أشهر مدائنها: تبريز، و خوي، و سلماس و أرمية، و أردبيل، و مرند. و الغالب عليها الجبال، و فيها قلاع و خيرات واسعة. أوّل من فتحها الصحابي حذيفة بن اليمان في زمن عمر بن الخطاب، و قد وضع عليها الخراج. معجم البلدان 1: 155-157.