خاطر الفقهاء بها حتى انّ عدّة منهم قد صنّف فيها رسائل مستقلّة تشتمل على النكات البديعة كالنائيني و العراقي و الآشتياني و الرشتي و غيرهم من أهل الفضل و البصيرة.
و لكنّ المحقّق المنصف الناظر في هذه الرسالة سيقضي ظاهرا انّ ما ألقاه العلّامة حجّة اللّه الكبرى و آيته العظمى السيّد محمّد الحجّة الكوهكمري حول هذه المسألة و قرّره الفاضل الألمعي حجّة الإسلام و المسلمين الحاج الشيخ محمّد البهاري الهمداني بقلمه الظاهر المظهر يكون مع اختصاره أدقّ و أبين و أحسن و أنفع ما صنّف في هذا المقام المشكل.
و كيف لا يكون كذلك مع انّه (قدّس سرّه) كما يشهد تاريخ حياته الشريف في النجف و قم كان بحق رجل الفقاهة و المعرفة رجل الرواية و الدراية رجل الأدب و الفضيلة و كان معذلك رجل الايمان و خلوص النّية رجل التقوى و الزهادة رجل الكياسة و السياسة، و بالجملة كان صاحب سليقة مستقيمة و قريحة طيبّة و نظرة عميقة و لذا يرتجى من مثله أن يودع في هذه الرسالة لآلي غالية قلّ ما يوجد مثلها في الكتب الرائجة.
ثم انّ هذه الرسالة تشتمل على مزايا مختلفة نشير الى بعضها:
الأولى: انّها قد اتّكلت من البدو الى الختم على ما يكون له دخل كثير فيها لا على غيره و لذا لا تجد فيها مطالب قليل الفائدة لها أو بعيد الرابطة بها بل أخذت من جميع ما يناسبها بلبابه و ترك ما هو بالنسبة إليها كفضوله.
الثانية: انّها قد نظّمت بالترتيب الطبيعي الأصلح المؤثر في تقريب الواقع جدّا، و أنت خبير بانّ تنظيم المطالب بالوجه الصحيح يكون ذات فوائد كثيرة طبعا و ان كان مع الأسف مغفولا عنه في كثير من المصنّفات قديمها و حديثها و خصوصا قديمها.
الثالثة: إنّها تنظر الى ما قاله المحقّقون كالعلماء المذكورين مع ردّ إشكالاته و نقيصاته و لذا صارت بمثابة مصلحة و مكمّلة.