بحسب إطلاقه الأمر عليه و على أمته في أمثال المقام فخارج عن محل الكلام و على عهدة الفقيه ثم ان امتثال هذا الأمر و قيامه 6 بالشفاعة هو عين الطاعة لهذا الأمر و هو عين التزامه 6 بأن الله سبحانه هو مالك الشفاعة و وليه و هو مالك للأمر بها و تشريعها و يستحيل بالضرورة عند من عرف الله و وحده في أمر الخلق تكوينا و تشريعا إنكار إذنه تعالى أي استحالة إذنه تعالى بذلك و الآية نص قاطع على ان موطن هذه الشفاعة في الدنيا و في حال حياة المذنبين فلا دليل على اختصاصه بالآخرة و بالموقف النهائي منها.
(الآية الثانية عشرة) قال تعالى وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نٰافِلَةً لَكَ عَسىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقٰاماً مَحْمُوداً (الاسراء- 79).
أقول: قد قدمنا البحث في ذلك عند البحث عن أوقات الصلاة في تفسير قوله تعالى أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كٰانَ مَشْهُوداً (الإسراء- 78).
(الآية الثالثة عشرة) قال تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلّٰا بِإِذْنِهِ (البقرة- 355)
بيان الاستفهام استفهام انكاري اي لا يقدر أحد و لا يجوز لأحد ان يشفع عنده تعالى لأن الشفاعة هي المداخلة و التصرف في شئون التكوين لا يمضي و لا ينفذ إلا بإنفاذه تعالى و لا يجوز أيضا المبادرة إلى الشفاعة لأن الشفاعة تصرف في شئون الخلق من دون اعتناء الى تشريع مالك الشفاعة.
و قوله تعالى إِلّٰا بِإِذْنِهِ استثناء من النفي المطلق و النهي المطلق و ضروري ان الاستثناء من الأمر المنفي إثبات لشيء من الأمر المنفي و استثناء لشيء من الأمر الممنوع و المحرم. فالآية الكريمة ناصة و صريحة في معنى الشفاعة و نفوذها و في جوازها باذنه تعالى و الترخيص فيها و بعد تمليك حق الشفاعة لأحد من عباده الصالحين.