الفضل و الرحمة لو اجتمعت جميعها أو عدة منها فلا تزاحم و لا تضاد بينها غاية الأمر كفاية واحد منها لا المزاحمة و الممانعة بينها لو اجتمعت فان مورد الشفاعة هو المؤمن المذنب و الله العالم بمعاني كلامه و الظاهر ان الجواب الأول هو الأولى.
بيان قد ذم الله سبحانه المنافقين على نفاقهم و كفرهم بالله و برسوله 6 و على ارصادهم لرسوله و إيجاد العوائل عليه 6 في أمر دعوته الحقة و على امتناعهم من التوبة و على استكبارهم من الاستشفاع برسوله كي يسأل ربه مغفرتهم و واضح أن الآية الكريمة تدل دلالة واضحة انهم لو رجعوا و تابوا عن كفرهم و نفاقهم و جاءوا الى رسول الله 6 و استشفعوا و استغفر لهم رسول الله 6لَوَجَدُوا اللّٰهَ تَوّٰاباً رَحِيماً اما مع إصرارهم على كفرهم و تفاهتهم و سيئاتهم فلا يستغفر لهم رسول الله 6 فإنه يوالي أعداء الله و لا يستشفع للذين خرجوا عن ولاية الله سبحانه لقبحه و حرمته عقلا و قد نهاه تعالى عن ذلك قال تعالى وَ لٰا تُصَلِّ عَلىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً وَ لٰا تَقُمْ عَلىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ مٰاتُوا وَ هُمْ فٰاسِقُونَ. التوبة- 85.
بيان: قد ذكر الله سبحانه حلم رسوله و حسن خلقه 6 مع جماعة من أصحابه الذين صدر منهم ما لا يرضى به رسول الله كما يحكيه تعالى عنهم في الآيات السابقة فاستحقوا بذلك أن يعاملهم 6 معاملة من أساء الأدب في ساحته فحلم عنهم و تساهل معهم فرضي سبحانه بذلك و أحسن الثناء على رسوله 6 فقال فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ إلخ و الفظاظة قيل أن يكون الإنسان جافيا في كلامه سيء الخلق و الغلظة في القلب عديم الرأفة و الرحمة فأمر الله سبحانه رسوله بالعفو عنهم و الاستغفار لهم لئلا يبقى فيهم دنس مخالفة الرسول و معصية الله سبحانه توجب سقوطهم و انحطاطهم عن درجات الايمان و حرمانهم عن مواهب الله سبحانه التي يختص بها من يشاء من المهتدين ثم زاد الله سبحانه على الفضل فضلا و على الإحسان إحسانا فأمر رسوله أن يدخلهم في جملة أصحابه المخلصين المشاورين له 6 في مهام الأمور في ذلك ترفيع لأقدارهم و تأليف لقلوبهم إلى الإسلام و تطييب صدورهم من الغل بالآية الكريمة ناصة في أمره تعالى بالشفاعة و طلب المغفرة ابتداء من غير استشفاع من طرف المذنبين و القدر المتيقن من الأمر تشريع الشفاعة و الترخيص فيها و نفوذها و قبولها عند الله سبحانه و اما دلالة الأمر على الوجوب