تعالى الحسنى فيطلق عليه تعالى في مقام الثناء عليه و تمجيده سبحانه فلا يشترط في صدق مفهوم التواب و إطلاقه عليه ان يكون رجوعه بعد إعراضه عنهم و سخطه عليهم.
الثالث: توبة الكفار و الفساق إذا تابوا عن كفرهم و رجعوا الى ربهم و استغفروا من ذنوبهم.
الرابع: توبة الصالحين و المتقين و استغفارهم فلا يشترط في صدق مفهوم التائب عليهم أن يكون بعد ارتكاب الذنوب بل التوبة تجديد ايمان و تحكيم ميثاق بينهم و بينه تعالى كل ما تذكروا لعظمة الله و كبريائه جددوا أيمانا و أحكموا ميثاقا قال تعالى فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كٰانَ تَوّٰاباً- النصر- و واضح ان إطلاق التواب و التائب بالمعنيين الأولين لا يجوز على غيره تعالى كما أن إطلاقه بالمعنيين الأخيرين لا يجوز عليه تعالى.
و الظاهر في قوله تعالى لِلَّذِينَ تٰابُوا هو الوجه الثالث بقرينة استغفار حملة العرش لهم من ذنوبهم و الشفاعة لهم في الوقاية عن نار الجحيم.
قوله تعالى وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ الآية. عطف على قوله تابوا و سبيله تعالى هو منهاج النبيين و شرائع المرسلين قال تعالى لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهٰاجاً.
و كذلك ما يدركه الناس ببداهة الفطرة و صراحة العقول من الواجبات الذاتية الضرورية و المحرمات الضرورية مثل وجوب الايمان و التصديق على من عرفه تعالى و حرمة الاستكبار عليه و نظائر ذلك و المحسنات و المقبحات و بالجملة الأحكام التي يعبر عنها عند الفقهاء بالمستقلات العقلية و هذا باب واسع و أساس في علم الأخلاق و ليس بلاغ الشارع و بيانه بحسب الكتاب و السنة حكما شرعيا مولويا بل تذكرة و إرشاد لأحكام العقول و اثارة لانوار الفطرة الإلهية.
قوله تعالى وَ أَدْخِلْهُمْ جَنّٰاتِ عَدْنٍ الآية هذا دعاء آخر و شفاعة حسنة أخرى يسألون الله سبحانه دخول هؤلاء التائبين و السالكين سبيل الحق و الرشد و الجنة و استنجاز ميعاده تعالى ان الجنة للمؤمنين و أن يلحق بهم مَنْ صَلَحَ مِنْ آبٰائِهِمْ وَ أَزْوٰاجِهِمْ وَ ذُرِّيّٰاتِهِمْ فيقر بذلك عيونهم و يتم به سرورهم.
و في هذا دلالة على ان الله يجمع بين المؤمن و اهله في الجنة قال تعالى فَأَمّٰا مَنْ أُوتِيَ كِتٰابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحٰاسَبُ حِسٰاباً يَسِيراً وَ يَنْقَلِبُ إِلىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً، انشقاق.