قوله تعالى رَبَّنٰا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً- يحكي تعالى عن هؤلاء البررة الكرام انهم يقولون ربنا إلخ تمجيد و ثناء على الله تعالى بالربوبية عليهم و على جميع ما سواه.
قوله تعالى وَسِعْتَ الآية- تمجيد و تعظيم لله بسعة رحمته و عمومها وسعة علمه سبحانه و نفوذه كل شيء و التعبير بالفاء في قوله تعالى فَاغْفِرْ الآية في مرحلة التفريع بقوله وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فان علمه و رحمته سبحانه و ان عمت و شملت كل شيء من دون تحديد هذا العلم و الرحمة لمعلوم دون معلوم و مرحوم دون مرحوم الا ان هؤلاء الأفاضل المقربين انما أرادوا من تمجيدهم لله سبحانه بسعة العلم و الرحمة شمول العلم و الرحمة مورد سؤالهم اي إدراج مورد الشفاعة في عموم الرحمة و العلم فلا يضيق عن المذنبين فضله و لا تقصر دون المسيئين رحمته و قالوا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تٰابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذٰابَ الْجَحِيمِ فتضرعوا الى الله سبحانه في مغفرتهم و وقايتهم من عذاب الجحيم.
و هناك وجهان آخران الأول ان رحمته تعالى مبدأ لكل نعمة و بهجة لكل محتاج و منشأ لكل خير و فضل لكل فقير الثاني ان المراد عد اختصاص العلم و الرحمة بمعلوم دون معلوم و مرحوم دون مرحوم.
أقول: الوجهان و ان كان كلاهما حقا في بابه و في حد نفسه إلا أنهما خارجان عن مفاد الآية فإن الآيات الكريمة صدرا و ذيلا صريحة أن حملة العرش كانت من سنتهم و سيرتهم الحسنة الاستغفار للمؤمنين و الشفاعة في التائبين في غفران الذنوب و التخلص من الجحيم و تقريب الاستدلال بهذه الفقرة من الآيات كما ذكرناه في السابقة.
قوله تعالى فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تٰابُوا الآية- أقول التوبة بمعنى الرجوع و له إطلاقات بحسب موارد استعماله.
الأول: توبته تعالى على أوليائه أي رجوعه تعالى إليهم بكراماته و عواطفه الخاصة قال تعالى لَقَدْ تٰابَ اللّٰهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهٰاجِرِينَ وَ الْأَنْصٰارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سٰاعَةِ الْعُسْرَةِ الآية التوبة (117) قال تعالى حكاية عن إبراهيم و إسماعيل (صلوات الله عليهما) وَ أَرِنٰا مَنٰاسِكَنٰا وَ تُبْ عَلَيْنٰا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوّٰابُ الرَّحِيمُ (البقرة 128).
الثاني: توبته تعالى على الكفار و الفساق إذا آمنوا و تابوا عن كفرهم و فسقهم فيتوب الله عليهم بالمغفرة عما سبق منهم من الذنوب و الآثام فالتواب من أسمائه