وبهذا يظهر أن حكم من أحرم للحج ثم بلغ قبل الإتيان بسائر مناسك الحج هو ما سيأتي في الصورة الثالثة، وأما بناءً على كون الإحرام شرطاً في الحج والعمرة فحكمه ما مرّ في الصورة الأولى.
(الصورة الثالثة): ما إذا أحرم الصبي وأتى ببعض المناسك ثم بلغ قبل الوقوف في المزدلفة.
وفي هذه الصورة نسب إلى المشهور إجزاء حجه عن حجة الإسلام، أي أنه يأتي ببقية أعمال الحج فيغني عن الإتيان به مرة أخرى، ولكن خالف في ذلك جماعة، وتردد فيه آخرون، وقال السيد صاحب العروة (قدس سره) [1] : إن (القول بالإجزاء مشكل، والأحوط الإعادة بعد ذلك إن كان مستطيعاً، بل لا يخلو عن قوة)، وقد وافقه عليه جملة من المعلقين (قدس الله أسرارهم).
وكيفما كان فقد استدل للقول المشهور بوجوه، عمدتها ما يأتي ..
الوجه الأول: الإجماع المدعى في كلمات جمع منهم الشيخ والعلامة (قدس سرهما) [2] ، ولكن مر أن دعاوى الإجماع في كلمات أمثالهما لا تعبر عن اتفاق الفقهاء المعاصرين للأئمة : بل ولا القريبين من عصرهم الذين يستحصل من إجماعهم الاطمئنان بالحكم الشرعي، وأما الفقهاء المتأخرون فهم لم يجمعوا على الإجزاء، ولو أجمعوا لم ينفع أيضاً لأن إجماعهم لا يصلح مستنداً للحكم الشرعي، لا سيما مع احتمال استناد المجمعين إلى بعض الوجوه الآتية.
الوجه الثاني: ما دل على أن العبد إذا حجّ فأعتق قبل الوقوف بعرفات أجزأه حجه عن حجة الإسلام.
ومن ذلك معتبرة شهاب [3] عن أبي عبد الله 7 في رجل أعتق عشية عرفة عبداً له قال: ((يجزي عن العبد حجة الإسلام)) .