اسم الکتاب : الاستنساخ بين التقنية والتشريع المؤلف : السيد علي السبزواري الجزء : 1 صفحة : 173
الثاني: هدم الأسرة التي تبتني على قواعد و ضوابط معينة،
و حدّد الشرع عقوبات معيّنة لمن تجاوزها، و الاستنساخ هدم لتلك القواعد و الضوابط.
الثالث: امتهان كرامة الإنسان التي صانها اللّه عزّ و جلّ، و شرّف خلقه،
قال تعالى: وَ لَقَدْ كَرَّمْنٰا بَنِي آدَمَ[1]، و الاستنساخ من موجبات امتهان تلك الكرامة التي منحها اللّه تعالى للإنسان، بإخضاعه للتجارب و اللعب في جيناته التي تتضمّن فطرته و مورثاته.
[الآراء في التحريم]
و لأجل ذلك و غيرها ذهب كثير من الفقهاء و العلماء إلى الحرمة، و إن اختلفوا في خصوصياتها بين التحريم المطلق و التحريم النسبيّ.
فمنهم من قال بتحريم الاستنساخ مطلقا، كما ذهب إليه مفتي مصر الدكتور نصر فريد و اصل، حيث قال: إنّنا نحرّم استخدام عمليات الاستنساخ الحيويّ حتّى في علاج بعض حالات العقم، لأنّ للّه في خلقه شئونا خاصّة، و أنّ ذلك سيفتح أمامنا الباب للتمادي في مثل هذه العمليات التي تشكّكنا في ديننا [2].
و من الواضح أنّ ما ذكره من الدليل- و هو التشكيك في الدين- لا يمكن أن يكون دليلا في هذا الحكم العامّ و هو التحريم المطبق، فهذا القول لا يستند على مبنى فقهيّ معتبر.
و منهم من ذهب إلى التحريم حتّى في مجالات الهندسة الوراثيّة، كبعض علماء الأزهر، مستدلّين عليه بأنّه تغيير في خلق اللّه، و هو من خطوات الشيطان كما قال تعالى: وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّٰهِ[3].
و قد عرفت الجواب عن ذلك بما لا مزيد عليه، و قلنا: إنّ الاستنساخ ليس تغييرا لخلق اللّه عزّ و جلّ، بل هو استفادة من النواميس المودعة في الكون، و يشمله قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ