ثم ناقش صاحب كتاب الحاوي القول الآخر القائل بلزوم
الوقف بالقبض الذي ذهب إليه محمد بن الحسن حيث شبهه بالهبة فقال صاحب كتاب الحاوي: فأما ما ذكره المخالف
فهو إنا لانسلّم أن الوقف عطية لأن الوقف بمنزلة العتق، والعتق والعقد لايسمى عطية، فكذلك الوقف. ثم قال: إن الهبة تمليك بدليل أن
الموهوب له يملك التصرف في الموهوب بالبيع وغيره، وليس كذلك الوقف لأنه ليس بتمليك، بدليل أن الموقوف عليه لايملك
التصرف فيه ببيع ولا غيره[2].
ملك الواقف يزول بالوقف: فإذا وقف أرضاً أو داراً
فالمذهب الصحيح: أن ملك الواقف يزول عن الموقوف
بالوقف كما يزول بالبيع وغيره... لأن الوقف سبب يقطع تصرف الواقف في الرقبة والمنفعة فوجب أن يزول
الملك. وهناك قول بعدم زوال ملك
الواقف عن الوقف لقول النبي’: «حبّس الاصل وسبّل الثمرة» وتحبيس الاصل يدلّ على بقاء الملك. إلّا أن هذا القول مناقش، إذ الوقف (كما تقدم) يقطع
تصرف الواقف في الرقبة والمنفعة وهذا دليل زوال ملكه.
[1]
الحاوي الكبير، لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي 9: 372.