وهذا النوع من الوقف لا يجوز بيعه واستبداله أبداً؛ لأنّ حقيقة البيع هي المبادلة بين
المالين (الشيئين) من ناحية الإضافة إلى المالك، فتستبدل كل من الإضافتين بتبدل المالين، وبما أنّ المساجد غير مضافة
إلى أحد من البشر لا بإضافة حقيقية ولا بإضافة الملكية، فلا يجوز بيعها. لعدم صدق المبادلة، ولأنّه لا بيع إلّا في ملك، وقد قلنا: إنّ هذا القسم من الوقف هو
عبارة عن فك الملك والتحرر من الملكية للآخرين، ولذا لا يجوز بيع ما ليس داخلا تحت الملك
كالطير في الهواء والمباحات الأصلية قبل الحيازة.
إذاً المساجد يكون وقفها من قبيل تحرير العبيد عند
العتق، فهو فك ملك لاتمليك للمسلمين، وعلى هذا فإنّ المساجد وإن
كانت لله - كما في الآية الكريمة: ﴿أَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَهِ﴾ [1] - لكن بمعنى أنها معابد
للمسلمين يعبدون الله فيها ولا يعبدون فيها غيره. ولأجل عدم الملكية لأحد ذكروا أنّ الاُجرة
لاتتعلّق بالغاصب لو غصبها وسكنها مدة من الزمن.
2ــ الوقف الذرّي:
وهو أن يوقف شيئاً لذرّيته لتكون منفعته لهم طبقة بعد
طبقة وجيلاً بعد جيل. وهذا
القسم من الوقف هو تحبيس
وتمليك.
أمّا التحبيس: فهو بمعنى الوقف؛ حيث فسّر بتحبيس الأصل وتسبيل المنفعة
(الثمرة)، وقد جعل الواقف الوقف الذرّي
كذلك.
وأمّا التمليك: فإنّ السيرة العقلائية قائمة على ذلك؛ حيث لا يشك أحد