اسم الکتاب : دراسات في ولاية الفقيه و فقه الدولة الاسلامية المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 439
و ربما ينقدح في الذهن أن صدر الاية ذكر توطئة و تمهيدا للذيل، فيكون المراد أنه لما كانت اطاعة الله و اطاعة
رسوله و أولي الامر واجبة فلامحالة يجب أن يكون المرجع في المنازعات هو الله و رسوله لاالطاغوت الذي
أرادوا أن يتحاكموا اليه المذكور في الاية التالية، فتدبر.
و اما قوله - تعالي - : "ألم تر الي الذين يزعمون الاية"، ففي مجمع البيان :
"كان بين رجل من اليهود و رجل من المنافقين خصومة، فقال اليهودي : أحاكم الي محمد6، لانه علم أنه
لايقبل الرشوة و لايجوز في الحكم، فقال المنافق : لا، بل بيني و بينك كعب بن الاشرف، لانه علم أنه يأخذ الرشوة
فنزلت الاية ."[1]و الطاغوت : فعلوت من الطغيان للمبالغة، ففيه قلب كما لايخفي . هذا.
و قدتحصل مما ذكرناه أن الحكم بالعدل في الاية الاولي من الايات الثلاث ظاهر في القضاء، و أن مورد الاية
الثالثة أيضا هو القضاء، كما أن التنازع المذكور في الاية الثانية أيضا يناسب القضاء.
ولكن لايخفي أن القضاء بنفسه ليس قسيما للامامة و الولاية، بل هو من شؤون الامامة، و كثيرا ماكان الامام
بنفسه يتصدي له، و تصدي القضاة له أيضا كان من جهة كونهم منصوبين من قبله .
و قدمر في خبر سليمان بن خالد قوله (ع): "فان الحكومة انما هي للامام العالم بالقضاء" و في المقبولة : "فتحاكما الي
السلطان أو الي القضاة ." و رسول الله 6 أيضا كان يقضي بامامته و ولايته، و كذلك أميرالمؤمنين (ع). و قال الله -
تعالي - مخاطبا لداود النبي (ع): "ياداود انا جعلناك خليفة في الارض، فاحكم بين الناس بالحق ."[2]
ففرع جواز الحكم و نفوذه علي كونه خليفة .
فيظهر بجميع ذلك أن القضاء من شؤون الامامة و الخلافة .
و الايات الثلاث كما مر مرتبطة بحسب المضمون، و قدمر تفسير الامانة في الاية الاولي بالامامة و الولاية، و
كون الحكم بالعدل متفرعا عليها.
[1] مجمع البيان 66/2 (الجزء 3).
[2] سورة ص (38)، الاية 26.
اسم الکتاب : دراسات في ولاية الفقيه و فقه الدولة الاسلامية المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 439