اسم الکتاب : مجمع الفوائد المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 484
فرق بين الكبيرة و غيرها فلم خصت بالذكر؟
قلت : الكبيرة ذكرت في كلام السائل و لعله كان مرتكزا في ذهنه ما يعتقده بعض، من كون
فعل الكبائر مخرجا عن الاسلام، و الامام (ع) رد هذا الاعتقاد. و ما احتاطه بعض محشي
العروة من كون انكار الكبيرة موجبا للكفر فمأخذه هذان الحديثان و ليس الملاك حينئذ
عنوان الضروري بل عنوان الكبيرة و بينهما عموم من وجه و قد عرفت جريان الاحتمالات
الاربعة في الحديثين فيمكن حملهما علي صورة الانكار عن علم كما كان الاعتراف أيضا في
مورد العلم .
و قد تلخص مما ذكرنا في جواب الروايات التي ربما يتوهم دلالتها علي كون انكار
الضروري بنفسه موجبا للكفر أولا أن الكفر في كثير منها ذكر في مقابل الايمان لا الاسلام و
ثانيا اشتمال اكثرها علي لفظ الجحود و هو يختص بصورة الانكار عن علم و ثالثا أن
المحتملات فيها أربعة و أظهرها بحسب الاطلاق الاول، و لكن حيث لايلتزم به أحد يكون
أظهر الثلاثة الباقية، الاخير أعني صورة كون الانكار عن علم و لو منعت الاظهرية بطل
الاستدلال مع الاحتمال فلا دليل علي خصوص عنوان الضروري .
الاستدلال للمسألة بأخبار أخر و نقده
و هنا ثلاث روايات أخر تشتمل علي مضمون آخر ربما يتفاوت مع ما سبق :
الاولي : رواية زرارة، عن أبي عبدالله (ع) قال : "لو أن العباد اذا جهلوا وقفوا و
لم يجحدوا لم يكفروا" [1].
و لا يخفي ان المراد بالعباد في الحديث ليس مطلق العباد بل الذين لهم سابقة الاسلام و لكن
قد يعرض لهم شبهات في بعض المسائل و هذا كثير و لاسيما للشبان في أعصارنا و ليس المراد
بالجهل الجهل المطلق و الا لم يناسب الجحد فانه الانكار عن علم كما عرفت، فالمراد أن
المسائل التي يعلم الانسان اجمالا بكونها من الدين و لكن يعرض له بسبب القاء الشيطان
شبهة آنية فيها لو لم ينكرها الانسان جزما بل توقف فيها مقدمة للسؤال و التفحص لم يخرج
بذلك من الدين، و الانسان لا يخلو غالبا من شك و من يهتم بذلك و يتعقبه بالسؤال و
[1] اصول الكافي ، ج 2، ص 388، كتاب الايمان و الكفر، باب الكفر.
اسم الکتاب : مجمع الفوائد المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 484