اسم الکتاب : مجمع الفوائد المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 275
فان قلت : المعتبر في احراز الواقعيات و ان كان هو الوثوق الشخصي و العلم العادي ، و
لكن بناء العقلاء في مقام الاحتجاج الدائر بين الموالي و العبيد هو الاحتجاج بقول الخبير الثقة
مطلقا، فلايسمع اعتذار العبد في مخالفته لقول الخبير الثقة بأنه لم يحصل له الوثوق شخصا.
قلت : لانسلم الفرق بين المقامين ; فلو فرض أن المولي فوض أمر ابنه الي عبده، فمرض
الابن و ذهب به العبد الي طبيب، فصادف أن العبد تردد في صحة طبابته لجهة من الجهات،
وكان يتمكن من الاحتياط أو الرجوع الي طبيب آخر أو شوري طبية، فترك ذلك و عمل
بقول الطبيب الاول و اتفق أن الابن مات لذلك، فاذا اطلع المولي علي تفصيل الواقعة فهل
ليس له أن يعاتب العبد؟ و هل يسمع اعتذار العبد بأنه عمل بتكليفه من الرجوع الي الطبيب ؟
و الحاصل أن الرجوع الي فقهاء أصحاب النبي 6، و كذا أصحاب الائمة (ع) أمثال
زرارة، و محمد بن مسلم، و بريد العجلي ، و ليث بن البختري المرادي ، و يونس و غيرهم من
بطانة الائمة (ع) كان أمرا متعارفا، كما تعارف ارجاع الائمة (ع)أيضا اليهم، و لكن لم يكن
الاجتهاد في تلك الاعصار بحسب الغالب مبتنيا علي المباني الصعبة الدقيقة، بل كان خفيف
المؤونة جدا، فكان يحصل الوثوق غالبا للمستفتي و كان يعمل بوثوقه و اطمينانه الحاصل
من فتوي الفقيه .
فكذلك في أعصارنا لو حصل الوثوق بصحة فتوي المفتي و كونه مطابقا للواقع، كما لعله
الغالب أيضا للاغلب، صح الاخذ به .
و في الحقيقة العمل انما يكون بالوثوق الذي هو علم عادي تسكن به النفس، لا بالتقليد و
التعبد.
و أما اذا لم يحصل الوثوق في مورد خاص لجهة من الجهات، فالعمل به تعبدا مشكل . نعم،
لوثبت جعل الشارع قول الفقيه حجة تأسيسية تعبدية، نظير جعل البينة حجة في الدعاوي ،
صح العمل به و ان لم يحصل الوثوق، بل و ان حصل ظن مابالخلاف، و لكن اثبات ذلك
مشكل . اذ ماأستدل به من الايات و الروايات لاثبات ذلك اما أن تكون مرتبطة بباب التعليم
و التعلم، أو تكون ارشادا الي ما عليه بناء العقلاء و سيرتهم، أو تكون في مقام بيان المصاديق
لذلك، أو يكون سندها مخدوشا، فتدبر. هذا.
اسم الکتاب : مجمع الفوائد المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 275