اسم الکتاب : مجمع الفوائد المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 199
و لكن يمكن أن يجاب عن هذه المناقشة : بأن حكم الشارع بعدم الاعتناء بالشك بعد
التجاوز أو الفراغ يكشف عن كون المأتي به بنظر الشارع مصداقا طوليا للطبيعة المأمور بها
وافيا بتمام غرضه منها و لاجل ذلك اكتفي به، فتأمل .
و أما في الشك بعد الوقت في أصل اتيان العمل فحكمه بعدم الاعتناء به كاشف لا محالة
عن رفع يده عن الواقع علي فرض عدم تحقق المأمور به . والداعي علي ذلك تسهيل الامر
علي المكلفين و هو من أهم المصالح في الشريعة السهلة، اذ لو فرض بقاء فعلية الواقع كيفما كان
و لو في صورة الشك و كونه مرادا حتميا للمولي بحيث لايرضي بتركه أصلا لما جاز ترخيصه
في تركه و لو احتمالا لكونه مناقضة صريحة . و احتمال المناقضة أيضا كالقطع بها غير معقول كما
لايخفي .
موضوع الاحكام نفس الطبائع لا المعلوم منها
الثانية : ما في كلام الاستاذ (ره) في القسم الثاني أعني الحجة الاجمالية من جواز الترخيص
في البعض أو الجميع و أن به ينكشف تقييد اطلاق الدليل الاول لايخلو تعبيره الاخير عن
مسامحة، اذ الموضوع لجل الاحكام الشرعية نفس الطبائع بواقعيتها و لم يؤخذ العلم بها جزء
من الموضوع . فموضوع الحرمة في قوله : "لاتشرب الخمر" مثلا نفس طبيعة الخمر لا ما علم
خمريته . و الاصول المرخصة موضوعها الشك في الحكم الواقعي ، فهي متأخرة عن موضوع
الحكم الواقعي بمراتب، فلايعقل أن تمس كرامة الاحكام الواقعية بتقييد موضوعاتها، حيث ان
القيد و المطلق المقيد به في رتبة واحدة . فيجب أن يحمل كلام الاستاذ (ره) علي ارادة عدم
وصول التكليف الاول الي مرحلة الفعلية التامة الملازمة للتنجز الا بسبب العلم التفصيلي .
و بالجملة فموضوع الحكم الاولي في مرحلة الانشاء مطلق، و بفعلية الموضوع يصير
الحكم فعليا من جهة، و لكن الفعلية التامة الملازمة للتنجز تتوقف علي عدم المانع عنها و يمكن
أن يكون رعاية مصلحة التسهيل مانعة عنها، فبالاصل المرخص يكشف اشتراط الفعلية
التامة بالعلم به تفصيلا، نظير ما قيل في جميع الامارات و الاصول المخالفة للواقع، حيث ان في
موارد تخلفها عن الواقع لا محيص عن رفع اليد عن فعلية الواقع و عدم وصوله الي مرتبة
التنجز من دون أن يوجب ذلك تقييدا في مرحلة الانشاء.
اسم الکتاب : مجمع الفوائد المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 199