اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 249
بغرورها المخدوع بأباطيلها أ تغتر بالدنيا ثم تذمها أنت المتجرم عليها أم هي المتجرمة
عليك متي استهوتك أم متي غرتك . ثم قال : ان الدنيا دار صدق لمن صدقها و دار عافية
لمن فهم عنها و دار غني لمن تزود منها و دار موعظة لمن اتعظ بها مسجد أحباء الله و
مصلي ملائكة الله و مهبط وحي الله و متجر أولياء الله اكتسبوا فيها الرحمة و ربحوا
فيها الجنة".[1]
و مما روي عن الامام الصادق (ع) أنه قال في وصف الدنيا: نعم العون الدنيا علي
الاخرة .[3] و قال أيضا ليس منا من ترك دنياه لاخرته، أو ترك آخرته لدنياه .[2]2 - و أما اذا كان المراد من الدنيا، التعلق بها والانشداد اليها والشره الي ما فيها من
زينة و طعام و شراب و مال و جاه، بحيث يتخذ المرء من هذه الامور غاية يسعي اليها،
فهذا هو الشئ المذموم الذي ينبغي اجتنابه ; لان مثل هذه التعلقات تجعل المرء في غفلة
عن ذكر الله، و عن الغاية الاساسية التي جعلت له و هي بلوغ الكمال و بناء الاخرة .
و بعبارة أخري : اذا نظر الي الدنيا كمقدمة و وسيلة و مزرعة للاخرة، فهي شئ قيم و
لا مذمة لها، و لكن اذا اتخذ أحد من الدنيا غاية و هدفا كالمسافر الذي يشغله النظر الي
مشهد جميل عرض له في الطريق عن الوصول الي المقصد، أو يستغرق في الانشغال في
المنازل التي يمر بها حتي كأنه ليس بمسافر و كأن تلك هي داره . ويفهم في ضوء ما ذكر
أن الدنيا المذمومة هي ما تتخذ هدفا بالمقارنة مع الاخرة . قال أميرالمؤمنين (ع): "من ابصر
بها بصرته و من ابصر اليها اعمته"[4] و علي هذا فان الانتفاع من الدنيا في هذا السياق
والتنعم بنعمها غير منهي عنه، بل بالعكس هناك حث عليه و ترغيب فيه، كما قال الله
عزوجل في كتابه الكريم : (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ،
قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة) .[5]
[1] الشريف الرضي ، نهج البلاغة، الحكمة 131، ص 492 .
[2] الصدوق، من لايحضره الفقيه، باب المعايش، ج 3، ص 156، الحديث 3567 .
[3] المصدر السابق، الحديث 3568 .
[4] الشريف الرضي ، نهج البلاغة، الخطبة 82، ص 106 .
[5] سورة الاعراف (7)، الاية 32 .
اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 249