اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 146
سيرة الانبياء
كان الانبياء أناسا متفانين من أجل البشرية، و كرسوا كل مساعيهم في سبيل انتشال
بني البشر من الفساد. فكانوا أحيانا يشعرون بالحزن والاذي بسبب عدم ايمان الكفار:
(لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) .[1]
الانبياء كغيث يستجلب الرحمة الالهية، يروون كل العباد بينبوع الوحي ، من غير أن
يرتجوا منهم أجرا، و تحملوا الكثير من العناء والمشقة لكي يعبدوا أمام الناس طريقا
مستقيما، و جاهدوا بكل ما أوتوا من قوة لكي يقبل الناس الي منهج السعادة والفلاح و
يسيروا عليه .[2] و قد انصبت مساعي الانبياء علي استمالة الناس الي عبادة الله، أي
هدايتهم . و كان خطابهم موجها الي كل أبناء الامة من غير تمييز بين هذا و ذاك .
نذكر من ذلك - علي سبيل المثال - أن الله عزوجل لما بعث موسي و هارون (ع)
بالرسالة، أمرهما أن يشملا بالدعوة جميع الناس و حتي أمثال فرعون، و أن يذهبا اليه و
يعظاه و يتكلما معه برفق : (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشي) .[3] و يفهم من
هذا:
أولا: ان كل الناس و حتي أشقاهم بحاجة الي دعوة الانبياء.
و ثانيا: ان الدعوة بلين و رفق تؤثر حتي في مثل قلب فرعون، و تستثير فيه خشية
الله .
اتبع الانبياء في أداء رسالاتهم أسلوب التبشير والانذار، و حذروا الناس من القبائح
والاثام، و أنذروهم من العواقب الوخيمة للكفر والمعصية، و بشروا الصالحين والمؤمنين
والمحسنين بالثواب والاجر العظيم . و لم يغفلوا لحظة عن دعوتهم الي التوحيد. و قد أوذوا
في هذا السبيل وعذبوا وأبعدوا، و حتي أن بعضهم قتلوا، و لكن مهمة التبليغ و دعوة الناس
الي عبادة الله لم تتوقف، و بقيت متواصلة علي الدوام .
استعمل الانبياء في دعوتهم أسلوب اللين والمرونة، وسعوا الي استمالة الناس الي
عبادة الله عن طريق اثارة المشاعر الانسانية فيهم . و قد وصف الله تبارك و تعالي رسوله
[1] سورة الشعراء (26)، الاية 3 .
[2] سورة التوبة (9)، الاية 128 .
[3] سورة طه (20)، الاية 44 .
اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 146