«و احذركم الاصغاء لهتاف الشيطان فانه لكم عدوّ مبين فتكونون كأوليائه الذين قال لهم: لا غالب لكم اليوم من الناس و اني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه و قال اني بريء منكم اني أرى ما لا ترون. فستلقون للرماح وردا، و للسيوف جزرا، و للعمد حطما، و للسهام غرضا. ثم لا ينفع نفسا ايمانها، لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا [1] » ..
ثم نزل من على منبره، فرتب العمّال، و أمّر الامراء و نظر في الامور [2] .
***
قبول الخلافة:
و تحذلق بعض المترفهين بالنقد، فرأى من «التسرع» قبول الحسن للخلافة، في مثل الظرف الذي بايعه فيه الناس، بما كان يؤذن به هذا الظرف من زعازع و نتائج، بعضها ألم، و بعضها خسران.
و لكي نتبين مبلغ الاصابة في التسرع الى هذا النقد. نقول:
اما اولا:
فلما كان الواجب على الناس دينا، الانقياد الى بيعة الامام المنصوص عليه، كان الواجب على الامام-مع قيام الحجة بوجود الناصر-قبول البيعة من الناس.
اما قيام الحجة-فيما نحن فيه-فقد كان من انثيال الناس طواعيه الى البيعة في مختلف بلاد الاسلام، ما يكفي-بظاهر الحال-دليلا عليه.
و لا مجال للتخلف عن الواجب مع وجود شرطه.
و اما ثانيا:
فان مبعث هذا الانعكاس البدائي، عن قضية الحسن عليه السلام هو
[1] روى هذه الخطبة هشام بن حسان. و قال: انها بعض خطبته بعد البيعة له بالامر البحار (ج 10 ص 99) و المسعودي.