اما الخلافة الشرعية. فقد تمت «على ظاهرتها العامة» من طريق البيعة الاختيارية، للمرة الثانية في تاريخ آل محمد صلّى اللّه عليه و على إله الطاهرين و طلعت على المسلمين من الزاوية المباركة التي طلعت عليهم بالنبوة قبل نصف قرن. فكانت من ناحية صلتها برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، امتدادا لمادة النور النبويّ، في المصباح الذي يستضيء به الناس. و مع الخليفة الجديد كل العناصر المادية و المعنوية التي تحملها الوراثة في كينونته و مثاليته.
فكان على ذلك الأولى بقول الشاعر:
نال الخلافة اذ كانت له قدرا # كما أتى ربّه موسى على قدر
*** و يعود الامام الحسن عليه السلام-بعد أن أخذت البيعة له-فيفتتح عهده الجديد، بخطابه التاريخيّ البليغ، الذي يستعرض فيه مزايا أهل البيت و حقهم الصريح في الامر، ثم يصارح الناس فيه بما ينذر به الجوّ المتلبد بالغيوم من مفاجئات و اخطار..
فيقول. (و هو بعض خطابه) :
«نحن حزب اللّه الغالبون، و عترة رسول اللّه الاقربون، و أهل بيته الطيبون الطاهرون، و أحد الثقلين اللذين خلّفهما رسول اللّه في امته، ثاني كتاب اللّه الذي فيه تفصيل كل شيء، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، فالمعوّل علينا في تفسيره، لا نتظنى تأويله بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا فان طاعتنا مفروضة، اذ كانت بطاعة اللّه و رسوله مقرونة، قال اللّه عزّ و جلّ: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللّه و أطيعوا الرسول و اولى الامر منكم فان تنازعتم في شيء فردّوه الى اللّه و الرسول و قال: و لو ردّوه الى الرسول و اولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم» .