النظر إليها من ناحيتها الدنيوية فحسب. بينما الانسب بقضية «امام» ان يستنطقها الباحث من ناحيتها الدينية على الاكثر. و كثير هو الفرق بين الدنيا و الدين في نظر امام. و القضية من هذه الناحية ظفر لا خسارة-كما سنأتي على توضيحه في محله المناسب-و هي و ان تكن معرض آلام، و لكنها آلام في سبيل الاسلام، و من أولى من الحسن بالاسلام و تحمّل آلامه.
و انما هو نبت بيته.
و اما ثالثا:
فلم يكن الحسن في رفعة مكانه من زعماء المسلمين، و في نسبه الممتاز و مركزه من العلم، بالذي يستطيع الفراغ و ان أراده عن عمد، و لا بالذي يتركه الناس و ان أراد هو ان يتركهم، و كان لا بد للرجات العنيفة في المجتمع الاسلامي، أن تتدافع إليه، تستدعيه للوثوب احقاقا للحق و انكارا المنكر-كما وقع لاخيه الحسين عليه السلام في ظرفه.
و أيضا. فلو ترك الناس و تجافى عن بيعتهم، أو تركه الناس و أعفوه خلافتهم، فلن يتركه المتغلبون على الناس. و انهم لينظرون إليه-دائما- كشبح مخيف، بما يدور حوله من الدعوة الى الاصلاح، او النقمة الصارخة على الوضع، التي كان يتطوع لها مختلف الطبقات، من الساخطين و المعارضين و الدعاة للّه، و لن يجد هؤلاء يومئذ ملجأ يفيئون إليه، خيرا من ابن رسول اللّه الامام المحبوب. و هل كانت الوفود التي عرضت عليه استعدادها لمناوأة الحكام الامويين و اعادة السكرة [1] لاسترجاع الحق المغصوب، الاّ ظاهرة هذه النقمة الصارخة التي كان يعج بها المجتمع الاسلامي يوم ذاك. و أنى لسلطان المتغلبين أن يستقر ما دام هذا المنار قائما يفيء إليه الناس.
و لنتذكر أنه قتل مسموما. و لما ذا يقتلونه و قد صالحهم و ترك لهم الدنيا برمتها، لو لا أنهم خافوه على سلطانهم، و رأوا من وجوده حاجزا