إليه-فخرج بذلك من الايثار الذي يؤخذ عليه، اذا كان في هذا الايثار تبعة يخاف منها على مصلحة الموقف. و أصبحت القيادة-على هذا الاسلوب- شورى بين ثلاثة، هم اليق رجاله لها. اما تقديم قيس على صاحبيه و على غيرهما من صحابة و زعماء، و ايثاره بالقيادة وحده فقد كان-في حينه- مظنة لتنافس الاكفاء الآخرين الذين كان يلفهم جناح هذا الجيش. و في هؤلاء الشخصيات المعروفة في قيادتها الميادين و في اخلاصها و جهادها و سوابقها، أمثال أبي أيوب الانصاري و حجر بن عديّ الكندي و عديّ بن حاتم الطائي و أضرابهم، ممن مرّ ذكرهم.
لذلك كان تقديم ابن عم الامام، بل ابن عم النبي صلّى اللّه عليه و آله، و تعيينه «اسما» ثم الاستفادة من رأي قيس و صاحبه على الاسلوب الذي ذكرنا، تخلصا لبقا، لا ينبغي الخلاف فيه، و لا التنافس عليه.
و ثانيها
انه كان من الاحتياطات الرائعة للوضع العام يوم ذاك، أن لا يكون القائد في جبهة الحسن الاّ هاشميا.
و تفسير ذلك، أن سورة التخاذل التي دارت مع قضية الحسن في الكوفة، كانت لا تزال نذيرة تشاؤم كثير في حساب الحسن (ع) ، و كان عليه أن يتخذ من التدابير الممكنة كل ما يدفع عنه-في حاضره و في مستقبله- لوم الناس و تخطئتهم و نقدهم. و من السهل على الناس أن يتسرعوا الى التخطئة و النقد متى وجدوا موضعا للضعف أو منفذا الى الفشل و الحرمان.
و كان من المنتظر ان يقولوا فيما لو فشلت قضية الحسن في مسكن أنه لو كان القائد من أهله لكان أولى من غيره بالصبر على المكاره و تحمل العظائم، و لما آل الامر الى هذا المآل.
فكان الاستعداد لغوائل الوضع الراهن بتعيين القائد الهاشمي، تدبيرا دقيق الملاحظة.