أنه لن يكون انسان آخر غير عبيد اللّه بن عباس-لا قيس و لا ابن قيس و لا غيرهما-أشد حنقا و لا اعنف تألبا على معاوية منه كأب قتل ولداه (الصبيّان) صبرا، فيما أملته فاجعة بسر بن أرطاة يوم غارته على اليمن [و القضية من مشهورات التاريخ].
فكان من الاستغلال المناسب جدا، اختيار هذا القائد الحانق لقتال قاتل ولديه.
و رابعها
أن جيش «المقدمة» الذي ولي قيادته عبيد اللّه هذا، كان أكثره من بقايا الجيش الذي أعدّه أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة لحرب أجناد الشام، ثم توفي عنه. و كان قيس بن سعد بن عبادة هو قائد [1] ذلك الجيش في زمن أمير المؤمنين (ع) و القائم على مداراته. و لهذه السوابق أثرها في توفيق الروابط الشخصية بين القائد و المقود. و كان من السهل على القائد النافذ في جنوده، أن يجنح-متى شاء-الى حرية التصرف التي لا تعبّر عن اتصال ايجابي بالمركز الاعلى، و هو ما كان يجب التحفظ منه، كاهم عنصر في الموقف.
و على أننا نحترم سيدنا قيسا كما يجب له الاحترام، و لكننا لا ننكر قابلياته الشخصية التي تجوّز عليه هذا اللون من حرية التصرف.
و لا ننسى أنه وقف بين صفوفه-يوم رجعت له قيادة هذا الجيش في مسكن-يخيّرهم بين الالتحاق بالامام على الصلح، و بين الاستمرار على حرب معاوية بلا امام!!..
فأي احتياط كان أحسن من جعل القيادة في غير هذا الرجل و جعله -مع ذلك-المستشار العسكريّ للاستفادة من كفاءاته و دهائه، و هو ما فعله الامام الحسن تنفيذا لافضل الرأيين.
أقول: و لا يضير هذه السياسة، تعيين قيس للخلافة على القيادة بعد