المتعوس كانت استغاثاته و استنصاراته يوم الطف قبل نشوب الحرب و بعده.
و إنما لم يصارح بما عنده من العلم لكل من رغب في اعراضه عن السفر إلى الكوفة لعلمه بأن الحقائق لا تفاض لأي متطلب بعد اختلاف الأوعية سعة و ضيقا و تباين المرامي قربا و بعدا فلذلك 7 يجيب كل أحد بما يسعه ظرفه و تتحمله معرفته و عقليته فإن علم أهل البيت : صعب مستصعب لا يتحمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو مؤمن امتحن اللّه قلبه بالإيمان.
الحسين فاتح
كان الحسين 7 يعتقد في نهضته أنه فاتح منصور لما في شهادته من إحياء دين رسول اللّه و اماتة البدعة و تفظيع أعمال المناوئين و تفهيم الأمة أنهم أحق بالخلافة من غيرهم و إليه يشير في كتابه إلى بني هاشم: من لحق بنا منكم استشهد، و من تخلف لم يبلغ الفتح [1] .
فإنه لم يرد بالفتح إلا ما يترتب على نهضته و تضحيته من نقض دعائم الضلال و كسح أشواك الباطل عن صراط الشريعة المطهرة و اقامة أركان العدل و التوحيد و أن الواجب على الأمة القيام في وجه المنكر.
و هذا معنى كلمة الإمام زين العابدين لإبراهيم بن طلحة بن عبيد اللّه لما قال له حين رجوعه إلى المدينة «من الغالب» فقال السجاد 7 إذا دخل وقت الصلاة فأذّن و أقم تعرف الغالب [2] .
فإنه يشير إلى تحقق الغاية التي ضحى سيد الشهداء نفسه القدسية لأجلها و فشل يزيد بما سعى له من إطفاء نور اللّه تعالى و ما أراده أبوه من نقض مساعي الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلم و إماتة الشهادة له بالرسالة بعد أن كان الواجب على الأمة في الأوقات الخمس الإعلان بالشهادة لنبي الإسلام ذلك الذي هدم صروح الشرك و أبطل العبادة للأصنام كما وجب على الأمة الصلاة على النبي و على آله الطاهرين
[1] كامل الزيارات ص 75 و بصائر الدرجات للصفار ج 10 ص 141.