في التشهدين و أنّ الصلاة عليه بدون الصلاة على آله بتراء [1] .
كما أنّ العقيلة ابنة أمير المؤمنين 7 أشارت إلى هذا الفتح بقولها ليزيد: «فكد كيدك واسع سعيك و ناصب جهدك فو اللّه لا تمحو ذكرنا و لا تميت وحينا، و لا تدرك أمدنا، و لا يرحض عنك عارها و شنارها» .
إنّ المتأمل في حادثة الطف يتجلّى له أنّ هذه الشهادة أعظم من يوم بدر و إن كان هو أول فتح إسلامي لأنّ المسلمين يومئذ خاضوا غمرات الموت تحت راية النبوّة و قد احتف بهم ثلاثة آلاف من الملائكة مسوّمين و هتاف النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم بالنصر و الظهور على العدو ملء مسامعهم فقابلوا طواغيت قريش مطمئنين بالغلبة.
و أما مشهد الطف فالمقاساة فيه أصعب، و الكرب أشد، و قد التطمت فيه أمواج الحتوف، و كشرت الحرب عن نابها و أخذ بنو أمية على سبط النبي أقطار الأرض و آفاق السماء.
عشية أنهضها بغيها # فجاءته تركب طغيانها
بجمع من الأرض سد الفروج # و غطى النجود و غيطانها
وطا الوحش إذ لم يجد مهربا # و لازمت الطير أوكانها
لكنّ عصبة الحق لم يثن من عزمهم شيء فقابلوا تلك الأخطار من غير مدد يأملونه أو نصرة يرقبونها و قد انقطعت عنهم خطوط الوسائل الحيوية حتى الماء الذي هو أوفر الأشياء و الناس فيه شرع سواء و ضوضاء الحرم من الشر المقبل، و صراخ الأطفال من الأوام المبرّح في مسامعهم إلا أنّهم تلقوا جبال الحديد بكل صدر رحيب و جنان طامن و لم تسل تلك النفوس الطاهرة إلا على فتل أمية المنقوض و لا أريقت دماؤهم الزاكية إلا على حبلهم المنتكث فكان ملك آل حرب كلعقة الكلب أنفه حتى اكتسحت معرتهم عن أديم الأرض.
و لقد أجاد شاعر أهل البيت : بقوله:
لو لم تكن جمعت كل العلى فينا # لكان ما كان يوم الطف يكفينا
[1] الصواعق المحرقة ص 87 و كشف الغمة للشعراني ج 1 ص 194 لاحظ كتابنا «زين العابدين» ص 371.