جعفرا و عثمان و عبد اللّه فقتلوا جميعا فورثهم العباس ثم قتل العباس فورثهم جميعا ابنه عبيد اللّه بن العباس، و هذا يفيدنا وثوقا بوفاة أم البنين يوم الطف فإنها لو كانت موجودة لكان ميراث إخوة العباس مختصا بها لكونها أمهم و لا يرثهم العباس حتى ينتقل إلى ولده عبيد اللّه و عدم منازعة (محمد بن الحنفية) لعبيد اللّه في ميراث عمومته على وفق الشريعة، لأن العباس يتصل بإخوته الشهداء بسببين: الأب و الأم، و محمد يتصل بهم من جهة الأب، و ذو السببين يقدم في الميراث، و لم يفقه (عمر الأطرف) وجه المسألة و هو ابن علي باب مدينة العلم، و كان عليه أن يراجع إمام الأمة زين العابدين كي لا يقع في الهلكة، إن كان ما ينسب إليه من المنازعة صحيحا و لعل ما يذكر في عمدة الطالب طبع النجف يؤيد هذه النسبة و ذلك أنه خرج إلى الناس في ثياب معصفرة يقول: «أنا الرجل الحازم حيث لم أخرج فأقتل» و قد وضح التناقض في كلام أبي الفرج فإن تسجيل خروج (أم البنين) إلى البقيع و ندبتها أولادها يدل على حياتها يوم الطف، ثم نصه على ميراث العباس لإخوته يشهد بوفاتها ذلك اليوم.. و كم له من هفوات!
عبد اللّه بن جعفر
قال ابن جرير: لما ورد نعي الحسين جلس عبد اللّه بن جعفر للعزاء و أقبل الناس يعزونه فقال مولاه (أبو السلاس) [1] هذا ما لقيناه من الحسين!!فحذفه بنعله و قال يا ابن اللخناء أللحسين تقول ذلك؟!و اللّه لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى أقتل معه، و اللّه إنه لما يسخي بنفسي عن ولديّ و يهون عليّ المصاب بهما أنهما أصيبا مع أخي و ابن عمي مواسيين له صابرين معه ثم أقبل على جلسائه و قال الحمد للّه لقد عزّ علي المصاب بمصرع الحسين أن لا أكون واسيته بنفسي، فلقد واساه ولداي [2] .. و من عجب التاريخ حديث البلاذري [3] و المحسن التنوخي [4] وفود عبد اللّه بن جعفر على (يزيد) و إكرامه إياه أكثر مما يكرمه أبوه معاوية.
[1] في الإرشاد للشيخ المفيد و كشف الغمة للأربلي ص 194 أبو السلاسل.