الثاني: لا يجب عليه إدامة نيّة القربة إلى حين دفع الوكيل في هذا الفرض (1).
الخارج و كانت متوقّفة على قبول المستحقّ، فقد حصل بقصد التقرّب و ليس مربوطا بفعل الوكيل حتّى يكفي نيّة التقرّب من جانب الوكيل، لأنّ فعله ليس إلّا الإيصال، و الإيصال ليس مقوّما للزكاة، و لو كان فهو غير محتاج إلى قصد القربة، فلو كان المال عند المستحقّ قبل تملّكه زكاة و قبل كان صحيحا بالضرورة.
إن قلت: قد يتوقّف حصول التمليك على الإيصال فيقصد الوكيل التقرّب بإيصاله من باب حصول القبول من جانب المستحقّ، و حصول القبول من جانب المستحقّ دخيل في حصول التمليك من جانب المالك فيقصد بإيصاله حصول التمليك من جانب المالك قربة إلى اللّه تعالى من باب إيصال الزكاة إلى المستحقّ و رفع العقوبة عن المالك فيتحقّق التمليك الزكاتيّ، إذ المفروض أنّه لا نقص فيه إلّا عدم استناده إلى قصد التقرّب.
قلت: مقتضى ذلك كفاية قصد التقرّب من جانب المستحقّ أيضا، لأنّه بذلك يحصل التمليك من جانب المالك، و التمليك حصل بنحو التقرّب. و الحلّ أنّ الإيصال لا يكون مقدّمة إلّا للملكيّة المستندة إلى المستحقّ في الفرض، و أمّا الملكيّة المستندة إلى الموكّل فهي خالية عن قصد التقرّب.
فتحصّل أنّ الواجب أن ينوي المالك قصد التقرّب في هذا الفرع، و هو العالم.
ضرورة اقتضاء ذلك لأن يكون في حال اليقظة حتّى يوصل الوكيل إلى المستحقّ، و هو خلاف المقطوع في ما يحتاج إلى القصد في جميع الوكالات، كالذبح في منى و كالصدقات المندوبة و الكفّارات. و السرّ في ذلك أنّ الإرادة الحادثة في النفس الّتي كانت مستندة إلى الأمر الإلهيّ على نحو الانحصار الموجب للتقرّب و الخلوص كافية في بقاء الوكالة إلى زمان الدفع و لا يحتاج إلى بقائها في النفس، فما دامت الإرادة الحادثة بوصف الإخلاص لم تنقلب إلى إرادة