و الإنصاف أنّ ذلك لا يوجب خلاف ظاهر معتدّ به في مثل صحيح محمّد بن مسلم، إذ الغالب في الخارج وقوع التصدّق من دون القبول اللفظيّ، و القبول اللفظيّ ليس متعارفا، مضافا إلى عدم ذكره في مقام السؤال و عدم أخذه في موضوع الحكم، خصوصا بملاحظة أنّ القبض في العرف يعتبر من باب أنّه قبول عرفيّ و اعتباره تعبّدا خلاف الارتكاز العرفيّ، و على فرض الشكّ يقال بأنّ مقتضى صحّة العقود و لزوم الوفاء به هو صحّة العقد المركّب من الإيجاب و القبول الأعمّ من الفعليّين أو القوليّين.
هذا بالنسبة إلى الصدقة، و بالنسبة إلى الهبة فالأخبار مختلفة، فبعضها يدلّ على اعتبار القبض، كموثّق داود بن حصين:
«الهبة و النحلة ما لم تقبض حتّى يموت صاحبها- قال:- هي ميراث.» [1].
و بعضها يدلّ على صحّة الهبة بدون القبض، قال أبو عبد اللّه 7:
«الهبة جائزة قبضت أو لم تقبض، قسمت أو لم تقسم، و النحل لا يجوز حتّى تقبض» [2].
و كذا رواية أبي مريم:
«إذا تصدّق الرجل بصدقة أو هبة قبضها صاحبها أو لم يقبضها علمت أو لم تعلم فهي جائزة» [3].
و التقريب ما تقدّم في الصدقة. و المقصود من «علمت أو لم تعلم» الظاهر أنّه أشهدت على ذلك أو لم تشهد على ذلك، و على فرض الشكّ فمقتضى عموم صحّة
[1] الوسائل: ج 13 ص 335 ح 5 من ب 4 من أبواب الهبات.