بقي الكلام في اعتبار القبول و القبض، أمّا الأوّل فهو صريح عبائر الأصحاب (1). و يمكن أن يقال: يكفي في الصدقة و الهبة أحد الأمرين من القبض أو القبول اللفظيّ (2).
أقول: أمّا عدم اشتراط اللفظ فبعد التدبّر لعلّه من الضروريّات، و ذلك للسيرة القطعيّة بين المسلمين في إعطاء الخبز و الطعام و غير ذلك، و لا يخطر ببال أحد أنّه لا بدّ من الإيجاب و القبول، و لخلوّ الأخبار الكثيرة الواردة في إنفاقات المعصومين : من النبيّ 6 و أمير المؤمنين 7 الذي تصدّق بخاتمه في الركوع، و من المعلوم عدم اشتماله على الإيجاب و القبول اللفظيّين، كما هو واضح لا يعتريه شكّ.
لكنّ الإنصاف أنّ كلمات الأصحاب ليست صريحة في ذلك، بل لعلّ المقصود هو الاحتياج إليهما على النحو الأعمّ من اللفظيّ و الفعليّ.
كما تقدّم، و لعلّ الوجه فيه أنّ لزوم الصدقة أو صحّتها و كذا الهبة من دون القبول خلاف تسلّط المتّهب على نفسه، و الناس مسلّطون على أموالهم فكيف بأنفسهم، و أنفسهم أموالهم أيضا.
و الجواب عنه بوجهين:
أحدهما أنّه إذا تمكّن المتّهب- من الشخص أو متولّي المصرف- من الإعراض عن ذلك حدوثا و بقاء فلا ينافي التسلّط.
ثانيهما أنّ الإعراض و الجعل للمصرف أو تمليك المصرف لا ينافي تسلّط الشخص و ليس تصرّفا في سلطان الشخص، و لذا صرّح صاحب العروة (قدس سرّه) في ملحقاته بعدم احتياج الصدقة إلى القبول [1].