و لعلّ الظاهر أنّ المدار في الحاجة هو المشقّة و الكراهة النفسانيّة عند فقد ما يحتاج إليه مشقّة تكون حقّا له بحسب النوع و لو من جهة العزّ و الشرف أو من جهة الاعتياد بذلك، و يكون كمشقّة الصبر على الخبز بدون الإدام أو الصبر على أكل الطعام في اليوم و الليل مرّة واحدة، و ليس ملاكه العسر الرافع للتكليف، كما أنّه ليس الملاك هو الأعمّ منه و من الاحتياج للرفاه و التفريح من غير أن يكون إسرافا (1).
ليسا بمال و أنّهما ليسا بشيء، مع وضوح كون ذلك مالا يبذل بإزائه المال) أنّ ذلك مورد للاحتياج، و مقتضى التعميم أنّ كلّ ما يحتاج إليه في معيشته بحسب عزّه و شرفه أو من جهة الاعتياد بذلك بحيث يشقّ تركه له و لغيره ممّن يكون مثله لا يكون ملاكا للغنى عن الزكاة.
و يدلّ على جواز أخذ الزكاة- مضافا إلى الروايات المتقدّمة- قوله تعالى:
إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ[1]، فإنّ الفقر ليس خصوص الاحتياج إلى القوت و ستر العورة، لعموم المتعلّق من جهة عدم ذكره.
فالمحتملات في «الحاجة» في بدو الأمر ثلاثة:
الأوّل: أن يكون فقده موجبا للوقوع في العسر و الحرج الرافعين للتكليف.
و هو مدفوع جدّا بما تقدّم من الروايات، و بالضرورة القاضية بعدم لزوم الصبر على الطعام من دون الإدام أو الطعام في اليوم و الليلة مرّة واحدة، و بعدم توقّف صدق الفقر على ذلك.
الثاني: أن يكون الملاك هو الاحتياج من غير إسراف، كما يومئ إليه ما تقدّم من الموثّق حيث قال: «من غير إسراف».