و إلحاق مثل صاحب الحرفة بالغنى ليس من جهة توسعة في مفهوم الغنى، بل إنما هو لمحض عناية في مرحلة التطبيق. و يكفي لإثبات مثل هذه العناية من الشرع ما في النص من تحريم الزكاة على ذي مرة سوي، يقدر على تحصيل مئونته و مئونة عياله، و كذا على المحترف [1].
و الظاهر من قوله: «يقدر» القدرة العرفية الحاصلة للشخص، بلا حرج و لا مشقة ناشئة عن عدم لياقته لكيفية التحصيل، أو عدم تناسبه مع شأنه واقعا. و حينئذ فلا مجال لإلزام الشرفاء- من ذوي الفضل و الاحترام، و كذا أهل العلم من الطلاب المحصلين في طريقة الاجتهاد و الاستنباط- على اختيار الكسب فوق استعداده و لياقته.
نعم قبل التلبس بتحصيل العلم و البلوغ إلى شرافة المنصب الشرعي، لو دار أمره بين الاكتساب و تحصيل العلم، لا يبعد- مع عدم وجوب التحصيل عليه- أن نلتزم بعدم جواز الأكل من الزكاة، و تعيّن الاكتساب عليه حتى يبلغ مرتبة الشرافة المانعة عن الاكتساب، فيجوز له حينذاك الأكل من الزكاة، لو لم يكن ذلك البلوغ بمقدمات محرّمة، و إلّا فهو فاسق لا شرافة له في الشرع، فتدبّر.
و من هنا ظهر انّ مع هذه الحرفة الوافية بمؤنة سنته لا يجدي عدم كفاية غلّة ضيعته في صدق الفقير عليه، و اليه ينظر قول المصنف: و يكون عاجزا عن تحصيل الكفاية بالصنعة، و هو ظاهر مما تلوناه عليك.
و يعطى من الزكاة صاحب دار السكنى، و عبد الخدمة، و فرس الركوب، لما تقدّم من النصوص الدالة على انّ ملك هذه الأشياء لا تمنع
[1] وسائل الشيعة 6: 158 باب 8 من أبواب المستحقين حديث 2- 5.