و في آخر: إذا عقد الإحرام و مس طيبا، قال: «لا بأس، ما لم يلبّ» [2].
و في ثالث: أحرم و خرج من المسجد و بدا له قبل أن يلبّي أن ينتقض ذلك [3]، كون الإحرام من الأمور القابلة للنقض، لبدائه عن قصده قبل التلبية، بلا دخل التلبية في هذا المعنى، و بهذه الملاحظة لا مجال لإرجاع نسيان الإحرام إلى نسيان التلبية.
نعم في قبالها جملة من النصوص، من جعل الإحرام هو ما يفعل في البداء، و هو التلبية، و انّ ما يفعل في المسجد هو عزم الحج، و يؤيده مناسبة مادة الإحرام مع الحرمان عن المحرمات، غير الحاصلة إلّا بالتلبية.
و لكن يمكن الجمع بين هاتين الطائفتين، إما بجعل الإحرام ذا مرتبتين:
إحداهما ما يحصل بالعقد القابل للنقض، و الأخرى ما يحصل بعده بالتلبية، غير القابل بعده للنقض، أو بجعل الإحرام من العقود المحتاجة إلى إيجاب حاصل بالقصد، و قبول حاصل بالتلبية، و انّ الغرض من قوله: أحرم، في النصوص السابقة أنه شرع في إحرامه، نظير شروعه بالبيع بإيجابه قبل قبوله، و حينئذ يرتفع التهافتان بين أخبار الباب.
و يمكن حمل نسيان الإحرام حينئذ على نسيان أصله، و لو بإيجابه، لانصرافه إليه، و لا مجال أيضا للحمل على نسيان تلبيته محضا.
نعم بقي في المقام شيء آخر، و هو انّ المعنى الحاصل قبل التلبية بعد ما لم يكن في البين إلّا قصده، كيف يكون قصديا إراديا في عرض سائر العبادات، على وجه تكون الإرادة خارجة عنها بالمرة، و موجودة حال إيجاده.
[1] وسائل الشيعة 9: 17 باب 14 من أبواب الإحرام حديث 1 و 2.
[2] وسائل الشيعة 9: 19 باب 14 من أبواب الإحرام حديث 8.
[3] وسائل الشيعة 9: 19 باب 14 من أبواب الإحرام حديث 12.