لكن الانصاف بعد هذا الجمع، و لو لا اعراض المشهور عن الثانية لكانت القاعدة تقتضي حمل الاولى على الكراهة، خصوصا مع وقوعها في سياق بقية المكروهات، مؤيدة بمخالفتها مع عموم: «لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب الأربعة» [1].
إلّا أن يقال- بعد اعراض المشهور عن النص النافي للبأس المزبور-: انّ اشتمال الرواية الأولى على التشبيه بالأكل، و التأكيد بقوله «فإنّ ذلك مفطر» الظاهر رجوعه إلى الأخير، و لا أقل من كونه متيقنا، ربما يكشف عن اختلاف سياقه مع البقية.
بل التأكيدات مومية إلى أنّ دفع توهم عدم مفطريته لعدم كونه من المفطرات المعهودة، و مع هذه التأكيدات كان قابلا للمعارضة مع عموم:
«لا يضر» على وجه يصلح لتخصيصه به، خصوصا لو كان النفي ناظرا إلى طبيعة الضرر، فإنه حينئذ لا بد من تخصيصه، حتى بالمكروهات جزما.
فلا مجال لجعله قرينة على كراهة البقية. و لكن الظاهر منه الإضرار بالطبيعة، و هو لا يكون إلّا بالفساد، و نفيه يمكن أن يكون قرينة على الكراهة، كما لا يخفى.
و كيف كان لا بأس بالمصير الى ما ذهب إليه المشهور من مفسدية الغبار، المنصرف- ببعض الجهات- الى الغليظ منه، و ظاهر النص جعل الكفارة عليه.
و لعل نظر النافي إلى توجيه نفي البأس في النص الى نفي الكفارة، و هو- كما ترى- لا بساعد عليه العرف.
و من التأمل فيما ذكرنا ظهر مدرك جميع الأقوال.
[1] وسائل الشيعة 7: 19 باب 1 من أبواب ما يمسك عنه حديث 1.