و حيث إنّ ظاهر هذه الأخبار كون وجوب هذا الاختبار حكما طريقيا، بملاحظة مراعاة الواقع، و أن الأمر بترك العبادة من جهة تغليب احتمال الحرمة، بل و تنجّزها الموجب لفساد العبادة، و لو بمناط التجري، المخرج للفاعل عن صلاحية المقربية، لا يبقى مجال لتوهّم معارضتها مع ما دل من أنّ المستحاضة تأخذ بأيام العادة [1]، إذ مثل هذا الحكم يكون من الأحكام الواقعية الثابتة المستمرة، و أنّ المراد من المستحاضة في لسان الأخبار- كما اعترف به شيخنا العلّامة [2]- هي المستمرة، إذ من المعلوم انه لا يبقى مجال لمعارضة الأحكام الظاهرية و الواقعية، لاختلافهما رتبة، فما عن المدارك من إلقاء المعارضة بينهما و أخذه بأخبار العادة ترجيحا [3]، منظور فيه جدا.
هذا كله في ذات العادة و إن كانت مبتدئة أو مضطربة بالمعنى الأعم الشامل للناسية و لها تميّز عملت عليه، لما في المرسلة من «أنّ التميز وظيفة كل من لم تكن لها عادة» [4]، بشهادة اقتضاء التعليل بأنها «لو كانت تعرف أيامها ما احتاجت ..» إلى آخره، كون التميّز وظيفة كل من لم تعرف أيامها.
و ظاهرها و إن كانت مختصة بالناسية، لكن التأمل في سائر فقرأته، بل و ملاحظة المضمرة المشتملة على مثل هذا العنوان، الظاهرة في
[1] وسائل الشيعة 2: 604 باب 1 من أبواب الاستحاضة حديث 1.
[2] كتاب الطهارة: المقصد الثالث في الاستحاضة و النفاس.