مدفوع بأنّ ذلك إنما يتم على فرض عدم الاحتياج إلى الإفراغ في الغسل بالمياه القليلة، و إلّا فحين ملاقاة الماء الثاني يعلم تفصيلا بنجاسة المحل، مع العلم بتأريخه فيستصحب.
بل و لو فرض عدم اعتبار الإفراغ أيضا، فلا محيص حين ملاقاة الثاني من الابتلاء بالعلم الإجمالي بنجاسته أو نجاسة موضع آخر قبل ملاقاته للثاني، و مثل هذا العلم الإجمالي منجز للتكليف بالاجتناب عن النجس، من دون صلاحية زوال هذا العلم بعد المنجزية بغسل الجميع، إذ هو من قبل ذهاب العلم بالتلف بعده، كما لا يخفى.
و من هذه الجهة قلنا بأنّ الحكم بالاجتناب غير مختص بصورة قلة الماءين المشتبهين، بل يشمل صور كريتهما أو كونهما مختلفين.
و لا يجوز استعماله أيضا في الشرب إجماعا، بل و ربما يستفاد من فحوى ما دل على إراقة المرق الواقع فيه الفأرة [1]، لأنه بمناط نجاسته فيتعدّى منه إلى المقام، بل في الأمر بإهراقهما في المشتبهين إيماء إلى ذلك، و لئن صدق عليه الخبث فيكفي لتحريمه نواهي الخبائث.
و هذه الحرمة ثابتة إلّا مع الضرورة المبيحة للمحظور اتفاقا، خصوصا مع قوله: «و كل شيء اضطر إليه ابن آدم فقد أحله اللّٰه» [2]، مضافا إلى عموم نفي الضرر و الحرج.
[1] وسائل الشيعة 1: 150 باب 5 من أبواب الماء المضاف حديث 3.
[2] انظر وسائل الشيعة 11: 468 باب 25 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر حديث 2 و فيه: «التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم فقد أحله اللّٰه له»، و مستدرك الوسائل 16: 166 باب 1 من أبواب الأطعمة المحرّمة حديث 8 و فيه: «كلما اضطر إليه العبد فقد أباحه اللّٰه له و أحله».